فإذا قال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} فهنا شهد المجد الذي لا يليق بسوى الملك الحق المبين فيشهد ملكًا قاهرًا قد دانت له الخليقة وعنت له الوجوه، وذلت لعظمته الجبابرة، وخضع لعزته كل عزيز، فيشهد بقلبه ملكًا على عرش السماء مهيمنًا لعزته تعنو الوجوه وتسجد وإذا لم تعطل حقيقة صفة الملك أطلعته على شهود حقائق الأسماء والصفات التي تعطيلها تعطيل لملكه وجحد له, فإن الملك الحق التام الملك: لا يكون إلا حيا قيومًا سميعًا بصيرًا مدبرًا قادرًا متكلمًا آمرًا ناهيًا مستويًا على سرير مملكته، يرسل إلى أقاصي مملكته بأوامره، فيرضى على من يستحق الرضا، ويثيبه ويكرمه ويدنيه ويغضب على من يستحق الغضب ويعاقبه ويهينه ويقصيه فيعذب من يشاء ويرحم من يشاء ويعطي من يشاء، ويقرب من يشاء، ويقصي من يشاء، له دار عذاب، وهي النار، وله دار سعادة عظيمة، وهي الجنة فمن أبطل شيئَا من ذلك، أو جحده وأنكر حقيقته فقد قدح في ملكه سبحانه وتعالى- ونفى عنه كماله وتمامه، وكذلك من أنكر عموم قضائه وقدره فقد أنكر عموم ملكه وكماله، فيشهد المصلي مجد الرب تعالى في قوله: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ}.