قال الإمام أحمد في رواية مهنا بن يحيى: إنما حظهم من الإسلام على قدر حظهم في الصلاة، ورغبتهم في الإسلام على قدر رغبتهم في الصلاة، فاعرف نفسك يا عبد الله، احذر أن تلقى الله عز وجل، ولا قَدْرَ للإسلام عندك فإن قَدْرَ الإسلام في قلبك كقَدْر الصلاة في قلبك (?).
وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة كحظ القلب الخالي الخرب من ذلك، فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة، وقف هذا بقلب مُخبت خاشع له قريب منه سليم من معارضات السوء، قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة، وسطع فيه نور الإيمان، وكشف عنه حجاب النفس ودخان الشهوات، فيرتع في رياض معاني القرآن، وخالط قلبه بشاشة الإيمان بحقائق الأسماء والصفات وعلوها وجمالها وكمالها الأعظم، وتفرد الرب سبحانه بنعوت جلاله، وصفات كماله فاجتمع همه على الله وقرت عينه به وأحس بقربه من الله قربًا لا نظير له، ففزع قلبه له وأقبل عليه بكليته وهذا الإقبال منه بين إقبالين من ربه فإنه سبحانه أقبل عليه أولا فانجذب قلبه إليه بإقباله، فلما أقبل على ربه، حظي منه بإقبال آخر أتم من الأول.