فأمرنا بإقامتها، وهو الإتيان بها قائمة تامة القيام والركوع والسجود والأذكار، وقد علق الله سبحانه الفلاح بخشوع المصلي في صلاته، فمن فاته خشوع الصلاة، لم يكن من أهل الفلاح، ويستحيل حصول الخشوع مع العجلة والنقر قطعًا بل لا يحصل الخشوع قط إلا مع الطمأنينة وكلما زاد طمأنينة ازداد خشوعًا وكلما قل خشوعه اشتدت عجلته حتى تصير حركة يديه بمنزلة العبث الذي لا يصحبه خشوع ولا إقبال على العبودية ولا معرفة حقيقية العبودية والله سبحانه قد قال: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [البقرة: 43] وقال: {وَالَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ} [المائدة: 55] وقال: {وَأَقِمِ الصَّلَاةَ} [العنكبوت: 45] وقال: {فَإِذَا اطْمَانَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: 103] وقال: {وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ} [النساء: 162] وقال إبراهيم عليه السلام {رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ} [إبراهيم: 40] وقال لموسى عليه السلام {فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} [طه: 14].
فلن تكاد تجد ذكر الصلاة في موضع من التنزيل إلا مقرونًا بإقامتها فالمصلون في الناس قليل، ومقيم الصلاة منهم أقل القليل، كما قال عمر رضي الله عنه: «الحاج قليل، والركب كثير» (?).