فإذا استعاذ به فإقباله على ركنه الشديد وانتصاره لعبده ومنعه له وحفظه من عدوه.
فإذا تلا كلامه فإقباله على معرفته من كلامه، حتى كأنه يراه ويشاهده في كلامه فهو كما قال بعض السلف: «لقد تجلى الله لعباده في كلامه» (?) فهو في هذه الحال مقبل على ذاته وصفاته وأفعاله وأحكامه وأسمائه.
فإذا ركع فإقباله على عظمته وجلاله وعزه؛ ولهذا شرع له أن يقول: سبحان ربي العظيم.
فإذا رفع رأسه من الركوع فإقباله على حمده والثناء عليه وتمجيده وعبوديته له وتفرده بالعطاء والمنع.
فإذا سجد فإقباله على قربه والدنو منه والخضوع له والتذلل بين يديه والانكسار والتملق.
فإذا رفع رأسه وجثا على ركبتيه فإقباله على غناه وجوده وكرمه وشدة حاجته إليه وتضرعه بين يديه والانكسار أن يغفر له ويرحمه ويعافيه ويهديه ويرزقه.
فإذا جلس في التشهد فله حال آخر وإقبال آخر يشبه حال الحاج في طواف الوداع، وقد استشعر قلبه الانصراف من بين يدي ربه، إلى أشغال الدنيا وموافاة العلائق والشواغل التي قطعه عنها الوقوف بين يدي ربه، وقد ذاق قلبه التألم بها والعذاب بها قبل دخوله في الصلاة، فباشر قلبه روح القُرب ونعيم الإقبال على الله وعافبته منها وانقطاعها عنه مدة الصلاة.