فبالوضوء يتطهر من الأوساخ ويقدم على ربه متطهرًا والوضوء له ظاهر وباطن، وظاهره طهارة البدن وأعضاء العبادة، وباطنه وسره طهارة القلب من أوساخه وأدرانه بالتوبة ولهذا يقرن سبحانه بين التوبة والطهارة في قوله: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة: 222] وشرع النبي - صلى الله عليه وسلم - للمتطهر بعد فراغه من الوضوء أن يتشهد ثم يقول: «اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين» (?). فكمل له مراتب الطهارة باطنًا وظاهرًا.
فإنه بالشهادة يتطهر من الشرك، وبالتوبة يتطهر من الذنوب، وبالماء يتطهر من الأوساخ الظاهرة فشرع أكمل مراتب الطهارة قبل الدخول على الله والوقوف بين يديه، فلما طهر ظاهرًا وباطنًا أذن له بالدخول عليه بالقيام بين يديه إذ يخلص من الإباق بمجيئه إلى داره ومحل عبوديته.
ولهذا كان المجيء إلى المسجد من تمام عبودية الصلاة الواجبة عند قوم والمستحبة عند آخرين.