الْكَلَام فِيهِ حَاجَة ضَرُورِيَّة أَو غير ضَرُورِيَّة وَإِذا لم يجب لم يجز أَن يكون جَائِزا لوجوه
أَحدهَا أَنه إِذا كَانَ جَائِزا كَانَ السُّكُوت عَنهُ جَائِزا فَيكون السَّاكِت سالما بِيَقِين الْإِجْمَاع على جَوَازه والمتأول مخاطرا خطرا عَظِيما من غير حَاجَة إِلَيْهِ وَهَذَا غير جَائِز وَلِأَن السَّاكِت عَن التَّأْوِيل لم يقل على الله إِلَّا الْحق والمتأول يحْتَمل أَنه قَالَ على الله غير الْحق وَوَصفه بِمَا لم يصف بِهِ نَفسه وسلب صفته الَّتِي وصف بهَا نَفسه وَهَذَا محرم فَيتَعَيَّن السُّكُوت وَيتَعَيَّن تَحْرِيم التَّأْوِيل
87 - وَمن وَجه آخر وَهُوَ أَن اللَّفْظ إِذا احْتمل مَعَاني فَحَمله على علم مِنْهَا من غير وَاحِد بتعيينه تخرص وَقَول على الله تَعَالَى بِغَيْر علم وَقد حرم الله تَعَالَى ذَلِك فَقَالَ {وَأَن تَقولُوا على الله مَا لَا تعلمُونَ} [الْأَعْرَاف 33]
88 - وَلِأَن تعْيين أحد المحتملات إِذا لم يكن تَوْقِيف يحْتَاج إِلَى حصر المحتملات كلهَا وَلَا يحصل ذَلِك إِلَّا بِمَعْرِِفَة جَمِيع مَا يسْتَعْمل اللَّفْظ فِيهِ حَقِيقَة أَو مجَازًا ثمَّ تبطل جَمِيعهَا إِلَّا وَاحِدًا وَهَذَا يحْتَاج إِلَى الْإِحَاطَة اللُّغَات كلهَا وَمَعْرِفَة لِسَان الْعَرَب كُله وَلَا سَبِيل إِلَيْهِ فَكيف بِمن لَا علم لَهُ باللغة وَلَعَلَّه لَا يعرف مُجملا سوى مجملين أَو ثَلَاثَة بطرِيق التَّقْلِيد
89 - ثمَّ معرفَة نفي المحتملات يقف على وُرُود التَّوْقِيف بِهِ فَإِن صِفَات الله تَعَالَى لَا تثبت وَلَا تنفى إِلَّا بالتوقيف وَإِذا تعذر هَذَا بَطل تعْيين مُجمل مِنْهَا على وَجه الصِّحَّة وَوَجَب الْإِيمَان بهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي أَرَادَهُ