وقد علمت أنها ستّ قُرى صغيرة متقاربة أكبرها تُدعى «كاف». وفي تونس بلدة اسمها «كاف» منها شيخنا المعمّر الشيخ محمد الكافي الذي سأتحدث عنه إن شاء الله فيمن أثّر فيّ من الرجال. ولكن جميع هذه القرى لا يبلغ عددُ سكانها نصفَ سكان قرية من قُرى الشام، أو هكذا كانت لما زرناها من خمسين سنة كاملة، ولست أعرف ما وضعُها الآن.

وهي في منخفض من الأرض، كان أول ما استقبلَنا منها الحصنُ، وهو حصن كبير من الحجر الأبيض المسنون، علمت أن الأمير نواف بن النوري بن الشعلان بناه أيام تسلّطه على تلك الديار من نحو سبعين سنة، يوم كانت الجزيرة العربية إمارات ودولاً قبل أن يوحّدها الملك عبد العزيز. أما بيوت القرى الستّ فهي أكواخ، أو شيء يقارب الأكواخ من اللبِن والطين، قائمة على شاطئ الرملة البيضاء كالميناء على شاطئ البحر، يحفّ بها نخيل قليل وحقول صغيرة تزرع الخضر، وتُسقى من عين جارية وفيرة الماء تقوم برَيّ متّسع من الأرض لو كان هناك مال ... هذا ما قلته سنة 1353هـ قبل أن يُخرِج الله لنا كنوز الأرض ذهباً أسود نستطيع أن نشتري به الدنيا ونشتري الآخرة؛ فإن المال ثمن قصور الجنة لمن أرادها فأنفق ماله فيما يُرضي الله، مؤمناً بالله طالباً ثواب الله. وحول القرية وبساتينها صخور كالأهرامات الهائلة رهيبة المنظر، كأنها سور أحاط الله به هذه القرى. أما مورد رزق أهلها فأكثره من الملح الذي يستخرجونه من «السِّباخ» الكثيرة القريبة منهم، يبيعونه في حوران وشرقي الأردن.

والقريات «إمارة»، ومن مصطلَح السعوديين أنهم يسمّون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015