وأرجو أن يرجع آل حافظ البصر، فلعل الله يعيد «المسلمون». فما فُقد الخير في أمة محمد، وما كل الأغنياء همهم الربح وحده. إن فيهم من يرجو ثواب الآخرة، وإن الحكومة المسلمة لا تبخل على «المسلمون» بمد يد العون إليها، ويدها طويلة بالخير والإحسان تصل إلى أرجاء الأرض كلها. فهل بقي من أمل؟

* * *

إن لديّ من الذكريات الكثير، ما بقي منها ربما ملأ كتباً، لأني ما عشت ثلاثة أرباع القرن كما تشهد تذكرة ميلادي، بل عشت أربعة قرون. بل إن الذي رأيته من تبدل الدول وتطور الحياة لا يكون مثله في أربعة قرون؛ فلقد عشت حيناً من عمري في ظلال راية العثمانيين، ثم عشت تحت علم الدولة العربية، ثم في حكم الفرنسيين، ثم تحوّلَت أحوال وكانت أهوال، جاوزَت في غرابتها الخيال.

وأنا فوق ذلك قد مارست الصحافة كتابة فيها واحترافاً لها، والتعليم في جميع مراحله، من المدارس الأولية في القرى إلى أقسام الدراسات العليا في الجامعات، وعلّمت شباباً ومشايخ، وعلّمت بنات. في دمشق وقراها، وفي العراق أدناه وأقصاه، وفي لبنان، وفي هذه المملكة، حجازها ونجدها. واشتغلت بالقضاء قاضياً في أصغر محكمة، إلى أن غدوت مستشاراً في محكمة النقض في دمشق ومحكمة النقض في القاهرة. وكتبت القصة والمقالة، وألّفت مسرحيات وساعدت على إخراجها، وسرت في أرض الله شرقها وغربها. وأعددت نفسي لذلك بالدراسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015