الخاتمة

هذه نهاية الجزء الثامن من «الذكريات»، ولكنها ليست نهاية الذكريات. ولا أحسب الذكريات تنتهي حتى تنتهي الحياة، لأن الإنسان كلما عاش يوماً رأى فيه مشهداً أو سمع خبراً أو مرّ بتجرِبة، وتمحّص الأيامُ هذه المرئيات وهذه المسموعات، فيأكل كثيراً منها النسيانُ وما بقي منها استحال إلى ذكريات.

وقد علّمونا ونحن صغار أن الأمور مرهونة بأوقاتها، ولكنّا لا نعرف هذه الأوقات إلاّ حين لا تنفعنا معرفتنا بها، أي بعد حدوث الأمور، ولو عرفناها قبلها لأعددنا لها عدّتها.

كنت عازماً على كتابة هذه الذكريات من قديم، حتى إني أعلنت عنها في مقدّمة كتابي «تعريف عامّ بدين الإسلام»، ولكني لم أبدأ بها إلاّ حين جاء وقتها، وشرعتُ فيها وما في ذهني خطّة لها أتبعها ولا صورة لها أحقّقها، فجاءت على أسلوب غير ما عرفنا من أساليب المذكرات، فرضي عنها ناس وسخط ناس. وكان الذهن موجَّهاً إليها والقلم ماشياً بها، وكان بالإمكان أن أكتب مثل الذي كتبتُ ونشرت، ولكني توهّمت أنها طالت وأن القراء بَرِموا بها والجريدةَ ضاقت بها. وما ضاقت الجريدة ولابَرِم القراء، ولكني توهّمت أمراً فرأيته حقيقة فقطعتها. والله وحده

طور بواسطة نورين ميديا © 2015