فلما دخلت كلية الحقوق كان يدرّس لنا الأحوالَ الشخصية الشيخُ أبو اليسر عابدين، وهو عالِم واسع الاطّلاع عالي الهمّة كان يعيش للعلم، يقرأ ويُقرئ نهاره وليله، يكتب كل ما يجد في الكتب من غرائب المسائل، في الفقه وفي الاجتماع وفي الأدب وفي التاريخ، ويدوّن كل ما يخطر على باله مما ينفع الناس. ولم تكن العوائق لتعوقه عن طلب العلم مهما طال الطريق وتوعّرت المسالك؛ أراد -وهو كبير- أن يدرس الطب فاقتضاه ذلك تعلّم اللغة الفرنسية، فتعلّمها ودخل كلية الطب مع تلاميذه ومَن هم في سنّ أبنائه، وثبت على الدراسة فيها حتى خرج منها طبيباً. وكانت له عيادة يطبّب فيها المرضى كما كان يُفتي المستفتين، ثم صار مفتي الشام، أي مفتي الجمهورية السورية. وكان أبوه من قبله