وعرفوا أني عربي أتكلّم العربية تباشروا ودعوا واحداً منهم، حسبته سيبويه آخَرَ ظهر من الأعاجم في آخر الزمان فكان في العربية كسيبويه الإمام. فلما وصل سلّم وسلّمت وقال: عربي؟ قلت: نعم. فأقبل عليّ عناقاً وتقبيلاً، وشممت منه رائحة هذا «التانبول» الذي يُقبِل عليه الهنود فأزعجني من ذلك تقبيله وعناقه.

ثم بدأ الحوار. فقال: ما اسمي؟ قلت: لا أدري ما اسمك. قال: لا لا، اسم أنت. فقلت: اسمي أنا علي. قال: اسم أبي؟ قلت: عدنا إلى ما نجونا منه. ما الذي يدريني ما اسم أبيك؟ قال: أبي أنت، أبي أنت. قلت: الله يخرب بيتك، أنا أبوك؟ قال: لا لا، اسم أبي، اسم أبي أنت. ففهمت أنه يريد اسم أبي أنا ولكنه أخطأ في الضمائر ... وأكثر أخطائنا من علل الضمائر!

ولكن ما لي أستعجل بسرد هذه الأخبار وأنا لم أفتح بعدُ صفحة الرحلة ولم أعرّف بها؟ عليّ أولاً أن أتكلّم عن السفر إلى المؤتمر ومَن دعا إليه، وعمّا كان فيه وكيف جرّني إليه الصواف ... ولست أدري الآن كيف استطاع ذلك وجَرُّ جبل أُحُد أهونُ من جَرّي، وحلحلة «ثهلان ذي الهضبات» الذي ذكره الفرزدق (ولا أعرف أين مكانه) (?) أهون من زحزحتي أنا عن مكاني!

طور بواسطة نورين ميديا © 2015