الشعب العلمية إلى مجموع الطلاّب. كان في كل شعبة علمية نحو خمسة وعشرين طالباً يهودياً من الثمانية والثلاثين طالباً الذين تشتمل عليهم الشعبة! تعرفونهم بأسمائهم: إيلياهو شوع، إيلياهو روبين، سليم ساسون، مينون مير عزرا، يهودا منشي، شمعون نسيم هارون، ناجي إسحق، يوسف أفراييم، داود حسقيل، موشي عزرا ... وأمثال هذه الأسماء المنكرة.
وما كنّا نحن المدرّسين ولا كان الناس في بغداد يفرقون -من كرم نفوسهم وطيب شمائلهم- بين يهودي ومسلم. ما كان يضيع عليهم شيء من حقّهم، بل كانوا يأخذون عشرة أضعافه ثم يسرقون حقّ غيرهم، فلما قامت على أرض فلسطين هذه الدولة الآثمة الظالمة لتسلب العرب أرضهم وتسرق أموالهم وتتعدّى على حرّيتهم وكرامتهم، لا بقوتها وبأسها، فما كان اليهود أبداً أُولي بأس وقوّة ولا كانوا أولي نُبل وشهامة، بل بقوّة مَن يقوم وراءها يحميها ويقويها على باطلها ويمدّها بما يزيد عدوانها. لمّا قامت هذه الدولة نسوا تلك المعاملة التي كنّا نعاملهم بها والتي لم يجدوا مثلها من أمة من الأمم، وانضمّوا إلى دولة إسرائيل. أنكروا فضلنا كما جحد أجدادهم فضل أجدادنا! وهذه هي أخلاق اليهود في كلّ زمان ومكان، اليهود كلّهم لا الصهيونيون فقط، لا فرق بين يهودي وصهيوني، تتبدّل الثياب ولا يتبدل مَن فيها.
وكانت نسبة اليهود في بغداد إلى مجموع سكّانها أعلى نسبة، أو من أعلى النسب في العالَم، حتّى إن المرء لا يكاد يستطيع أن يشتري سلعة يوم السبت! كانت الوظائف المالية في أيديهم، وكان في بغداد عند الجسر العتيق خان قديم أظنّ أن