الاستغناء عنها ما كنت في دمشق، وإذا لم أكُن فيها حنَنت لهذا الاجتماع واشتقت إليه. وكان من رُوّاده الدائمين الشيخ عبد القادر العاني، وأنور العطّار، وسعيد الأفغاني، وأحمد حلمي العلاّف، وحسني كنعان، والشيخ صبحي الإمام. وهنالك غيرهم ممّن يزور المجلس لماماً، ولكلّ من هؤلاء قصّة فيها صفحات من هذه الذكريات، فأين هم الآن؟ لقد ذهبوا إلى حيث يذهب كل حيّ، ما بقي إلاّ أنا وسعيد، ونحن ذاهبان على أثرهم نسأل الله حسن الخاتمة.

ولمّا جئت دمشق آخر مرّة سنة 1398 (?) ذهبت إلى الأمينية ووقفت أمام الباب أتذكّر أيامي فيها وأصحابي ورفاقي، وأستعرض ماضيّ، أرى «فِلْماً» طويلاً يمرّ من أمامي تتعاقب أحداثه، ثم دخلت.

فهل تدرون ماذا وجدت؟ لقد وجدت المدرسة قد صارت سوقاً، فيه الدكاكين مصفوفة والبضائع معروضة، ووجدت الشارين والشاريات. أمّا المدرسة فقد ماتت، ماتت كما مات كلّ مَن كان فيها ومَن كان يرتاد مجلسها. وكلّ حيّ إلى ممات، ونسأل الله حسن الخاتمة.

* * *

طور بواسطة نورين ميديا © 2015