الامتحان الثاني. وكان الامتحان في فتح الصندوق (?) فقالت القوّة: لا، وقال الحقّ: نعم، فكانت المعركة بين القوّة والحق، فانتصرَت «نعم»، وكُسر الصندوق، ودفنَت دمشقُ أبناءها وجدّدت القسَم. وصرن ثلاثاً، ميسلون والغوطة والمرجة. وصبرَت دمشق.
صبرَت ولم تجزع ولم تضطرب ولم تُقلِقها هذه الحادثات ولم تُبكِها، ولكن كلمة واحدة سرَت أمس في دمشق فتقلقلَت لها دمشقُ واضطربَت، وخفّت منها الأحلام ونأى عنها الصبر، فانفجرَت تبكي في نكبة اليوم النكباتِ الماضيةَ كلَّها.
تلك هي الكلمة الرهيبة: مات الشيخ بدر الدين (?).
* * *
كان الشيخ بدر الدين سرّ قوّة دمشق، كان لها مثلَ الراية في المعركة. الراية مصدر قوّة الجيش يستظلّ أبطاله بها ويحمونها ويموتون دونها، وهي في ذاتها ضعيفة لا قوّة لها ولا دفع لديها. شيخ قارب التسعين لا يستطيع أن يبارز عدواً في ساحة قتال، ولكن يستمدّ منه المبارزون القوّة في النضال. وإليكم هذا المثال: