ديوان الصبابه (صفحة 96)

وغير من نبأ جليل ... يرويه جيل قد مضى عن جيل

بحق مر عيد الشفيق الناصح ... بحق لوقاذي الفعال الصالح

بحق تمليخا الحكيم الراجح ... والشهداء بالفلا الصحاصح

بحق معمودية الأرواح ... والمذبح المشهور في النواحي

ومن به لابس الأمساح ... وعابد باك ومن سياح

بحق تقريبك في الأعياد ... وشربك القهوة كالفرصاد

وطول تفتيتك للأكباد ... بما بعينيك من السواد

بحق ما قدس سعياً فيه ... بالحمد لله وبالتنزيه

بحق نسطور وما يرويه ... عن كل ناموس له فقيه

بحق جمع من شيوخ العلم ... وبعض أركان التقى والحلم

لم ينطقوا قط بغير فهم ... موتهم كان حياة الخصم

بحرمة الأسقف والمطران ... والجائليق العالم الرباني

والقس والشماس والديراني ... والبطرك الأكبر والرهبان

بكل ناموس له مقدم ... يعلم الناس ولما يعلم

بحرمة الصوم الكبير الأعظم ... وما حوى مفرق رأس مريم

بحق يوم الذبح في الإشراق ... وليلة الميلاد والتلاقي

بالذهب الأبر يزفي الأوراق ... بالفصح يا مهذب الأخلاق

ألا رغبت في رضا أديب ... باعده الحب عن الحبيب

قد ذاب من شوق إلي المذيب ... أعلى مناه أيسر القريب

فانظر أميري في صلاح أمري ... محتسباً في عظيم الأجر

مكتسياً في جميل الشكر ... في نثر ألفاظ ونظم در

قيل إنه ضعف وسل جسمه وذهب عقله وانقطع عن إخوانه ولزم الفراش قال حسان بن محمد بن عيسى فحضرته عائداً مع جماعة من أصحابه فقال ألست صاحبكم القديم العشرة لكم فما منكم أحد يسعدني بنظرة إلى وجه عمرو قال فمضينا بأجمعنا إلى عمرو وقلنا له أن كان قتل هذا الرجل ديننا فإن أحياءه مروءة قال وما فعل قلنا قد صار إلى حال ما نحسبك تلحقه قال فلبس ثيابه ثم نهض معنا فلما دخلنا عليه وسلم عليه عمرو أخذ يبده وقال كيف تجدك يا سيدي فنظر إليه ثم أغمي عليه ثم أفاق وهو يقول:

أنا في عافية إلا ... من الشوق إليكا

أيها العائد ما بي ... منك لا يخفى عليكا

لا تعد جسماً وعد قلبا ... رهيناً في يديكا

كيف لا يهلك مرشو ... ق بسهمي مقلتيكا

ثم أنه شهق فارق فيها الدنيا فما برحنا حتى دفناه رحمه الله تعالى. ومنهم قتيل قال العلامة أبو القاسم محمد بن عبد الرحمن الشيرزي في كتاب روضة القلوب ونزهة المحب والمحبوب وشاهدت امرأة كانت من أهل شيرز تزوجت رجلاً جندياً أعجمياً وكانت تجد به وجداً شديداً حتى كانت لا تصبر عنه لحظة وكان إذا مشى إلى نوبته إلى القلعة تاتزر وتظل قائمة قبالته حتى ينصرف فإذا دخل عليها لاعبها وقبلها فيسكن بعض ما تجده فدخل عليها يوماً مغضباً من كلام جرى بينه وبين مقدمه فلما دخل أرادت منه العادة فلم يلتفت إليها فظنت أن ذلك لسبب حدث منها فارتاعت وجزعت فمكث ساعة عنها لم يرفع طرفة إليها فقوى عندها التخيل فلما خرج خرجت خلفه كعادتها فانتهرها فلم تشك أن غضبه لأجلها فرجعت وجعلت في رقبتها حبلاً وشدته في السقف فاختنقت به وماتت.

ومنهم شهيد قال الوداعي حكى الأمير شهاب الدين أحمد العقيلي أن شرف العلا هوى غلاماً نصرانياً وتهتك فيه حتى لبس المسح وتزيا بزي الرهبان وكان يتبع الغلام حيث توجه فاتفق أن الملك الظاهر صلاح الدين سمع بحاله فبينما هو يتصيد في نواحي حلب قيل له أن شرف العلا في هذه الأرض فأرسل إليه من يحضره على هيئته فلما حضر وكان السطان في مجلس الشراب قال لبعض ندمائه املأ قدحاً كبيراً والق شرف العلا به فلما رأى القدح أخذه بيده وشربه وأنشد في الحال ارتجالاً يخاطب الملك الظاهر.

جمعت بالكاس شملي ... فالله يجمع شملك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015