ديوان الصبابه (صفحة 71)

وشادن قلت له ... هل لك في المنادمة

فقال كم من عاشق ... سفكت في المني دمه

وقال أبو بكر الحاتمي:

لي حبيب لو قيل لي ما تمنى ... ما تعديته ولو بالمنون

أشتهي أن أحل في كل طرف ... لأراه بلحظ كل العيون

وقال أيضاً:

أما مني قلبي فأنت جميعه ... ياليتني أصبحت بعض مناك

يدني مزارك حين شط به النوى ... وهم أكاد به أقبل فاك

وقال الحسين بن الضحاك:

وصف البدر حسن وجهك حتى ... خلت أني وما أراك أراكا

وإذا ما تنفس النرجس الغض ... توهمته نسيم شذاكا

خدع للمني تعللني فيك ... بإشراق ذا وبهجة ذاكا

ومما احتج به أرباب القول الثاني:

وأكثر أفعال الغواني إساءة ... وأكثر ما تلقى الأماني الكواذبا

وقال الخالدين:

ولا تكن عبد المني فالمني ... رؤس أموال المقاليس

وقال ابن شرف القيرواني:

غلف تمنوا في البيوت أمانينا ... وجميع أعمار اللئام أماني

وقال ابن المعتز:

لا تأسفن من الدنيا على أمل ... فليس باقيه إلا مثل ماضيه

وقال: علي بن أبي طالب كرم الله وجهه تجنبوا المني فإنها تذهب بهجة ما خولتم وتصغر المواهب التي رزقتم. وقال رجل لابن سيرين رايت كأني أسبح في غير ماء وأطير بغير جناح فقال أنت رجل تكثر الأماني.

وحكى أن الحجاج مر ذات ليلة بدكان لبان وعنده بستوقة فيها لبن وهو يقول متمنياً أنا أبيع هذا اللبن بكذا وكذا وأشتري كذا ثم أبيعه فأكسب فيه كذا وكذا فيكثر مالي ويحسن حالي وأخطب بنت الحجاج وأتزوجها فتلد لي أبناً وأدخل إليها يوماً فتخاصمني فأضربها برجلي هكذا ورفس برجله فكسر البستوقة وتبدد اللبن فقرع الحجاج الباب ففتح له فضربه خمسين سوطاً وقال أليس لو رفست ابنتي هكذا فجعتني فيها.

وقال علي بن عبيدة الأماني مخايل الجهل.

وقال غيره الأماني تخدعك وعند الحقائق تدعك.

اتفق أن الزكي عبد الرحمن القوصي حضر عند الملك المظفر قبل أن يلي حماة وأنشده.

متى أراك ومن تهوى وأنت كما ... تهوى على رغمهم روحين في بدن

هناك أنشد والآمال حاضرة ... هنيت بالملك ولأحباب والوطن

فوعده الملك المظفر إذا تملك حماة أن يعطيه ألف دينار فلما ملكها أنشده:

مولاي هذا الملك فد نلته ... برغم مخلوق من الخالق

والدهر منقاد لما شئته ... فذا أوان الموعد الصادق

فوقع له بألف دينار وأقام معه ولزمته أسفار فأنفق فيها المال الذي أعطاه ولم يحصل بيده زيادة عليه فقال:

ذاك الذي أعطوه لي جملة ... قد استردوه قليلاً قليل

فليت لم يعطوا ولم يأخذوا ... وحسبنا الله ونعم الوكيل

فبلغ ذلك المظفر فأخرجه من دار كان قد أنزله بها فقال:

أتخرجني من كسر بيت مهدم ... ولي فيك من حسن الثناء بيوت

فإن عشت لم أعدم مكاناً يضمني ... وإن مت تدري ذكر من سيموت

فحبسه المظفر فقال ما ذنبي إليك قال قولك حسبي الله ونعم الوكيل فأمر بخنقه فلما أحس بذلك قال أعطيتني الألف تعظيماً وتكرمة يا ليت شعري أم أعطيتني ديتي قلت وقد عيب علي السلطان حقده عليه لأجل قوله حسبي الله ونعم الوكيل حتى قتله فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم فكان حاله معه كما قيل:

فكنت كالمتمني أن يرى فلقا ... من الصباح فلما رآه عمى

والله القائل:

وبما يرجو الفتى نفع فتى ... خوفه أولى به من أمله

رب من ترجو به دفع أذى ... سوف يأتيك الأذى من قبله

ذكرت هنا قول الآخر:

لما بدا العارض في خده ... بشرت قلبي بالنعيم المقيم

وقلت هذا عارض ممطر ... فجاءني فيه العذاب الأليم

وقال ابن سنا الملك من رسالة المحبوب وأنت الذي نفضني من يده ورفضني من باله وأنت الذي فصلني قبل أن يستكمل الوصول مدة حمله وفصاله.

وأنت الذي أخلفتني ما وعدتني ... وأشمت بي من كان فيك يلوم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015