وَهَلْ قَصَدَ الزَّمانُ سِوى كَرِيمٍ ... حَماهُ أَنْ يَضِيمَ وَأَنْ يَضِيرا
وَما زالَتْ صُرُوفُ الدَّهْرِ تَحْدُو ... إِلى الأَخْيارِ شَراً مُسْتَطِيرا
تُسِيءُ إِلى ذَوِي الْحُسْنى وَتَحْبُو ... مُقَيِلَ عِثارِها الْجَدَّ الْعَثُورا
وَلَوْ راعى ذَوِي الأَخْطارِ دَهْرٌ ... رَعى ذا الْمَجْدَ وَالشَّرَفَ الْخَطِيرا
وَلَو دُفِعَ الْحِمامُ بِعِزِّ قَوْمٍ ... لَكُنْتَ أَعَزَّ ذِي عِنٍّ نَصِيراً
هُوَ الْقَدَرُ الَّذِي لَمْ تَلْقَ خَلْقاً ... عَلَى دَفْعٍ لَهُ أَبَداً قَدِيرا
سَواءٌ مَنْ يَقُودُ إِلَيْهِ جَيْشاً ... وَمَنْ يَحْدُو مِنَ الأَقْوامِ عِيرا
وَما ينَفْكُّ هذا الدَّهْرُ حَتّى ... يَصِيرَ إِلى الْفَناءِ بِنا الْمَصِيرا
فيا لِيَ مِنْهُ صَوّالاً فَتُوكاً ... وَيا لِيَ مِنْهُ خَلاّباً سَحُورا
كَذلِكَ شِيمَةُ الأَيّامِ فِينا ... تَسُوءُ حَقِيقَةً وَتَسُرُّ زُورا
وَكَمْ سُكّانِ دُنْياً لَوْ أَفاقُوا ... لَما سَكَنَتْ قُلُوبُهُمُ الصُّدُورا
أَهَبَّ عَلَيْهِمُ الْحَدَثانُ رِيحاً ... بِكُلِّ عَجاجَةٍ تُغْري مُثِيرا
تَحَدّاهُمْ كَأَنَّ عَلَيْهِ فِيهِمْ ... يَمِيناً أَوْ قَضى بِهمُ النُّذُورا