لَقَد بَخِلتِ وَفَضلُ البُخلِ مَكرُمَةٌ ... مِنَ الأُناثِ كَفَضلِ الجُودِ في الذَكَرِ
لا حَبَّذا صَفَرٌ شَهراً فَقَد صَفِرَت ... يَدايَ مِن زَورَةِ الأَحبابِ في صَفَرِ
كَأَنَّ أَعشارَ قَلبي يَومَ بَينِهِمِ ... تُذكى بِزِندَين مِن مَرخٍ وَمِن عُشَر
يا سَاكِنينَ بِحَيثُ الخَبتُ مِن هَجَرٍ ... أَطَلتُمُ الهَجرَ مُذ صِرتُم إِلى هَجَرِ
عُودوا غِضاباً وَلا تَنأى دِيارُكُم ... فَقِلَّةُ الماءِ تُرضي الكُدرَ بِالكَدِرِ
يا دَهرُ لا تَستَقِل جُرماً بِنَأيِهِمِ ... فَإِنَّ جُرمَكَ جُرمٌ غَيرُ مُغتَفَرِ
ما لُمتُ غَيرَكَ في تَغييرِ وُدِّهِمِ ... لِأَنَّ صَرفَكَ مَجبُولٌ عَلى الغِيَرِ
سَحَبتُ بُردَيكَ في غَيٍّ وَفي رَشَدٍ ... وَذُقتُ طَعمَيكَ مِن حُلوٍ وَمِن صَبِرِ
فَما حَمَدتُكَ في بُؤسي وَلا رَغَدي ... وَلا شَكَرتُكَ في نَفعي وَلا ضَرَري
لَكِنَّ شُكري لِمَن لَولا مَكارِمُهُ ... لَكُنتَ فَلَّلت مِن نابي وَمن ظُفُري
فَتّىً يَعَمُّ جَميعَ الخَلقِ نائِلُهُ ... كَما تَعُمُّ السَماءُ الأَرضَ بِالمَطَرِ
يُنبيكَ بِالبِشرِ عَن بُشرى مُؤَمَّلَةٍ ... فَالبِشرُ أَحسَنُ ما في أَوجُهِ البَشَرِ