قط رأيا ما لم يجدوه مصرحا به في كتبي، وأن لا يقبلوا شيئا على أنه حق، لا في مؤلفاتي ولا في غيرها، ما لم يروه -في وضوح- مستنتجا من المبادئ الحقة.

وأنا أعلم أيضا أنه قد تمضي قرون عديدة قبل أن يتاح للناس أن يستخلصوا من هذه المبادئ جميع الحقائق التي يستطاع استخلاصها منها1، إما لأن أغلب الحقائق التي لم يهتد إليها بعد تعتمد على بعض التجارب الخاصة التي لا تتحقق قط بطريق المصادفة, بل يلزم أن ينقطع لها رجال شديدو الذكاء يبذلون الجهد والمال في سبيل البحث عنها، وإما لأن من العسير أن يجتمع لأشخاص بعينهم أن يبرعوا في حسن استخدامها, وأن تكون لهم القدرة على إجرائها، وكذلك لأن أغلب أصحاب الأذهان الفائقة قد بلغ من سوء رأيهم في الفلسفة السائدة حتى اليوم من عيوب, أنهم لن يستطيعوا قط أن يقعدوا عزمهم على الاشتغال بالبحث عن فلسفة أفضل منها.

ولكن أقول في الختام: إنه إذا كان الاختلاف الذي سيرونه بين هذه المبادئ, وبين مبادئ أي مذهب آخر، والمركب الكبير من الحقائق التي يمكن أن تستخلص منها يجعلهم يعرفون أهمية الاستمرار في بحث هذه الحقائق, ومدى ما يستطيع أن يوصلنا إليه من درجات الحكمة وكمال الحياة وغبطتها، فإني مقتنع بأنه لن يوجد واحد لا يحاول أن يشغل نفسه بهذا البحث المفيد, أو على الأقل لا يؤيد ولا يعاون بكل قواه أولئك الذين يهبون أنفسهم للمضي في هذا السبيل موفقين.

إن أمنيتي أن يأتي يوم يشهد فيه خلفاؤنا هذه العقبى السعيدة ... إلخ2.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015