البسيطة كمسائل الرياضيات1. ثم إذا اكتسب عادة الاهتداء إلى الحقيقة في هذه المسائل، وجب أن يبدأ في جد بالإقبال على الفلسفة الحقة2، التي جزؤها الأول هو الميتافيزيقا التي تحتوي على مبادئ المعرفة, ومن بينها تفسير أهم صفات الله, ولامادية النفوس، وجميع المعاني الواضحة البسيطة المودعة فينا3.
والثاني هو الفيزيقا، ويبحث فيها على العموم، بعد أن يكون المرء قد وجد المبادئ الحقة للأشياء المادية، عن ماهية الكون كله، وعلى الخصوص عن طبيعة هذه الأرض وطبيعة جميع الأجسام التي توجد حولها، مثل: الهواء والماء والنار والمغناطيس والمعادن الأخرى, وبعد ذلك يحتاج أيضا إلى أن يفحص على الخصوص عن طبيعة النبات وطبيعة الحيوان وخصوصا طبيعة الإنسان؛ لكي يستطيع المرء بعد ذلك أن يجد العلوم الأخرى التي فيها منفعة له4. فالفلسفة بأسرها أشبه بشجرة جذورها الميتافيزيقا، وجذعها الفيزيقا, والفروع التي تخرج من هذا الجذع هي كل العلوم الأخرى التي تنتهي إلى ثلاثة علوم رئيسية, هي: الطب والميكانيكا والأخلاق، وأعني الأرفع والأكمل التي لما كانت تفترض معرفة تامة بالعلوم الأخرى، فقد بلغت المرتبة الأخيرة من مراتب الحكمة5.