وصلت إلينا مؤلفاتهم هما أفلاطون وأرسطو, ولم يكن بينهما من فرق سوى أن أفلاطون قد سار على آثار أستاذه سقراط, فاعترف في خلوص نية بأنه لم يهتد بعد إلى شيء يقيني، وأنه قد اكتفى بتحرير ما بدا له شيئا محتمل الصدق, وتخيل لهذا الغرض بعض مبادئ حاول بواسطتها أن يفسر الأشياء الأخرى. أما أرسطو فكان أقل صراحة، ومع أنه تتلمذ على أفلاطون عشرين سنة ولم يكن لديه مبادئ غير مبادئ أستاذه, فقد غير طريقة عرضها تغييرا تاما، وقدمها على أنها صحيحة ومؤكدة، ولو أن الأرجح أنها لم تكن قط في تقديره كذلك1.

ولقد أصاب هذان الرجلان من الألمعية والحكمة التي تكتسب بالوسائل الأربع السابقة ما أضفى عليهما سلطانا كبيرا جعل من جاءوا بعدهما يقفون عند متابعة آرائهما أكثر مما يسعون إلى شيء أفضل. والنزاع الكبير الذي نشب بين تلاميذهما إنما كان مداره أن يتبينوا: هل ينبغي أن توضع الأشياء كلها موضع الشك أم أن هناك أشياء يقينية؟ وهو خلاف أفضى بالفريقين إلى ضلال بعيد؛ لأن فريقا ممن ذهبوا إلى الشك قد وسعوا نطاقه وجعلوه يمتد إلى أفعل الحياة،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015