إلى معية الله وماعنده من الأجر والمثوبة للمجاهدين في سبيله وبينما هم كذلك إذ نظر الناس إلى طلائع النصارى قد أقبلت نحوهم على بُعْدِ والرجال أمام الخيل ودونونه في وسط الجيش وكان ملك قشتالة حزمه بيده، وزوجه ابنته، وفوّضه على جيوشه وحروبه، وفوّض إليه الأمر في جميع بلاده وجنوده، وكان النصارى قد سعدوا به لأنه كان لم ينهزم قط، وكان وبالاً ودماراً ومصيبة على بلاد الإسلام، شديد الانتقام، ولايمل من القتل وسفك الدماء وسبي نساء المسلمين في كل الأوقات، فأقبل في كبرياءه وغروره تحت ضلال البنود وأصوات الأبواق تخفق على رأسه في جيش قد ملأ الأرض يموج كأنه الجراد، والرجال والرماة أمام الجيش كلهم قد شرعوا (?) الحراب معتمدين على الكثرة ووفرة العدد.
أمر أمير المسلمين أبو يوسف بالغنائم فبعث بها مع ألف فارس وألف راجل من المجاهدين المطوعين إلى الجنوب بعيداً عن أرض المعركة، وتأخر هو ومن بقي معه من المسلمين مستعدين لقتال النصارى، ثم ترجَّل عن جواده فأسبغ وضوءه، وصلى ركعتين ثم رفع يديه وأقبل على الدعاء والمسلمون يؤمنَّون على دعائه فكان في آخر دعائه ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر للصحابة "اللهم انصر هذه العصابة وأيدها وأعنها على جهاد عدوك وعدوِّها" فأجاب الله تعالى دعائَه ورحم تضرعه وابتهاله، فلما فرغ من دعائه قام فاستوى على جواده، واستعد للقتال وجلاده، وعقد لولده الأمير الأجل