الوحدة لتحقيق انتصارات عديدة ضد الغزاة (?). يقول المؤرخ الإنكليزي المعاصر ستيفن رنسيمان: ... سرعان ما غدت الإمارة التي شكلها البرسقي نواة لما قام بعدئذ بالشام من دولة إسلامية متحدة زمن الزنكيين والأيوبيين والمماليك، ولم يكن الصليبيون الذين وحد بينهم نظام الملكية في بيت المقدس، يواجهون قبل ذلك جبهات متحدة، وما حدث - إذن - من توحيد حلب مع الموصل يعتبر بدء توحيد الجبهة الإسلامية التي قدر لها أن تقضي في يوم من الأيام على قوة الصليبيين في الشام (?).

ز- مقتل البرسقي

ز- مقتل البرسقي: في سنة 520هـ ثامن ذي القعدة، قتل قسيم الدولة آق سنقر البرسقي صاحب الموصل، قتلته الباطنية بمدينة الموصل يوم جمعة بالجامع وكان يصلي الجمعة مع العامة, وكان قد رأى تلك الليلة في منامه أن عدة من الكلاب ثاروا به، فقتل بعضها، ونال منه الباقي ما أذاه, فقص رؤياه على أصحابه، فأشاروا عليه بترك الخروج من داره عدة أيام فقال: لا أترك الجمعة لشيء أبداً، فغلبوا على رأيه، ومنعوه من قصد الجمعة، فعزم على ذلك، فأخذ المصحف يقرأ فيه، فأول ما قرأ {وَكَانَ أَمْرُ اللهِ قَدَرًا مَّقْدُورًا} [الأحزاب: 38]، فركب إلى الجامع على عادته، وكان يصلي في الصف الأول، فوثب عليه بضعة عشر نفساً عدة الكلاب التي رآها، فجرحوه بالسكاكين، فجرح هو بيده منهم ثلاثة وقتل رحمه الله، وكان مملوكاً تركياً خيراً، يحب أهل العلم والصالحين، ويرى العدل ويفعله, وكان من خير الولاة, يحافظ على الصلوات في أوقاتها، ويصلي من الليل متهجداً (?).

ح- الباطنية من أخطر معوقات حركة الجهاد

ح- الباطنية من أخطر معوقات حركة الجهاد: أثبت الباطنية عداءهم الكامل لقادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر، وكأن خناجرهم المسمومة كانت تشق للصليبيين طريقاً نحو تثبيت أقدامهم في بلاد الشام والجزيرة على حساب المسلمين, وهكذا أثبتت وقائع التاريخ كيف التقى قادة الجهاد الإسلامي في ذلك العصر في بعض الأحيان - في الشهادة - فمن قبل اغتيل شرف الدين مودود، والآن نجد آق سنقر البرسقي يلقى نفس المصير، وقد عكس ذلك كله: أن مسلك الإسماعيلية النزارية في ذلك الحين كان من أخطر معوقات حركة الجهاد ضد الغزاة نظراً لوجود عدوين في وقت واحد أمام القيادات المسلمة السنية على نحو عكس المشاق البالغة التي واجهت أولئك القادة (?) في الدفاع عن عقيدة الأمة ودينها وأعراضها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015