الوقت الذي كان فيه الصليبيون قد وصلوا إلى درجة من الضعف والتدهور داخل أنطاكية ومن هذه الأسباب:

- ما ذكره مؤرخ أعمال الفرنجة من أن كربوقا صاحب الموصل قد أضاع ثلاثة أسابيع في حصار الرها؛ مما مكن الصليبيين من الاستيلاء على أنطاكية، والاحتياط بما عسى أن يطرأ لهم من هجوم مباغت سواء من المسلمين الذين كانوا داخل قلعة أنطاكية أو من إخوانهم في بلاد الشام وغيرها (?).

- عدم وجود تجانس بين قوات كربوقا التي تكونت من العرب والترك وغيرهم، ثم ما قام به رضوان صاحب دمشق من بث روح الشقاق بين العرب والترك.

- عدم وجود خطة عسكرية واضحة أمام كربوقا، ولعل أبرز ما يوضح ذلك هو عدم رغبة كربوقا في السماح لرجاله بتوجيه الضربة القاضية للصليبيين وهم يخرجون جماعات متفرقة من أنطاكية. وهذا يعود إلى أن كربوقا كان يخشى على ما يبدو من أنه إذا فعل ذلك فسوف لا يقضى إلا على مقدمة الصليبيين (?).

- سوء معاملة كربوقا لمن معه من الأمراء، كان سبباً من أسباب هزيمته وفشله، فقد شرع بنوع من الاستعلاء عليهم, ظناً منه أنهم يقيمون معه على هذا الحال، مما أدى إلى استيائهم من تصرفاته (?).

- ارتفاع الروح المعنوية عند الصليبيين بعد اختلاق قصة الحربة المقدسة، بالإضافة إلى ما قام به زعماء الصليبيين قبل وصول كربوقا إلى أنطاكية من مراسلة دقاق صاحب دمشق وإخباره أن مطامعهم لا تتعدى الاستيلاء على ما كان بيد الإمبراطور البيزنطي في شمال الشام (?)، لا يمنع هذا من القول بأن محاولة كربوقا منع أنطاكية من السقوط بيد الصليبيين كانت نقطة انطلاق في بعث فكرة الجهاد الإسلامي ضد الصليبيين, وكشفت للصليبيين عن مدى قوة المسلمين في حالة اتحادهم، كما أنها رسمت الطريق الصحيح لمن أتى بعده من زعماء المسلمين الذين أخذوا على عواتقهم حمل لواء الجهاد الإسلامي ليكملوا المسيرة من بعده، وتتمثل هذه الحقيقة إذا علمنا أن عماد الدين زنكي قد عاش في كنف كربوقا بعد موت والده (?) , على أن كربوقا صاحب الموصل قد وافته المنية عند مدينة خوى بأذربيجان سنة 495هـ/1102م أثناء النزاع بين السلطان بركيارق بن ملكشاه وأخوه محمد بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015