المبحث الخامس الإمام الغزالي، من كبار علماء المدارس النظامية

المبحث الخامس

الإمام الغزالي، من كبار علماء المدارس النَّظامية

أولاً: اسمه ونسبه ونشأته:

1 - اسمه ونسبه: الشيخ الإمام البحر، حجة الإسلام، أعجوبة الزمان، زين العابدين, أبو حامد بن محمد بن محمد بن أحمد الطوسي، الشافعي، الغزالي، صاحب التصانيف والذكاء المفرط (?). وقد نسبه البعض إلى غزالة - بتخفيف الزاي - وهي بلدته التي ولد فيها, وهي نسبة صحيحة من حيث اللغة, والبعض نسبه إلى: الغزَّالي - بتشديد الزاي -نسبة إلى الغزال حرفة والده التي كانت يكتسب منها وهي نسبة صحيحة أيضاً من حيث اللغة.

2 - نشأته ومولده: ولد «بطوس» (?)، سنة خمسين وأربعمائة هجرية, وأما والده فقد كان فقيراً صالحاً لا يأكل إلا من كسب يده حيث كان يغزل الصوف ويبيعه في دكانه بطوس، وكان يختلف في أوقات فراغه إلى مجالسة العلماء ويطوف عليهم ويتوفر على خدمتهم, ويجدّ في الإحسان إليهم والتفقه بما يمكنه عليهم, وكان إذا سمع كلامهم بكى وتضرع إلى الله أن يرزقه ابنا يجعله فقيهاً وواعظاً، فرزقه الله بولدين هما أبو حامد وأخوه أحمد (?)، غير أن الأقدار لم تمهله حتى يرى رجاءه قد تحقق ودعوته قد استجيبت، فقد توفي وما يزال أبو حامد صغيراً لم يبلغ سن الرشد. أما أم (أبي حامد) فقد عاشت حتى شهدت بزوغ شمس ابنها في سماء المجد وتبوأه أكبر مركز علمي في ذلك العهد (?) , وكان والده قد أوصى به وبأخيه إلى صديق له متصوف من أهل الخير وقال له: إن لي لتأسفاً عظيماً على تعلم الخط، وأشتهي استدراك ما فاتني في ولديّ هذين، فعلمهما ولا عليك أن تنفذ في ذلك جميع ما أخلفه بهما، فلما مات أقبل الصوفي على تعليمهما إلا أنه ما فتئ أن نفد ذلك النَّزر اليسير الذي خلفه لهما أبوهما، وتعذر على الصوفي القيام بقوتهما، فقال لهما: اعلما أني قد أنفقت عليكما ما كان لكما، وأنا رجل من الفقر والتجريد لا مال لي فأواسيكما به، وأصلح ما أرى لكما أن تلجآ إلى مدرسة فإنكما من طلبة العلم فيحصل لكما قوت يعينكما على قوتكما، ففعلا ذلك، وكان هو السبب في سعادتهما وعلو درجتهما, وكان الغزالي يحكي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015