بعده في تدريس النظامية أبا سعد المتولي، فلما بلغ ذلك النظام، كتب بإنكار ذلك، وقال: كان من الواجب أن تُغلق المدرسة سنة من أجل الشيخ، وعاب على من تولَّى، وأمر أن يُدرَّس الإمام أبو نصر عبد السيد بن الصباغ بها (?). وممن رثاه أبو القاسم بن ناقياء الأديب الشاعر حيث قال:
أجرى المدامع بالدم المهراق ... خطب أقام قيامة الآماق
خطب شَجَا مِنّا القلوب بلوعة ... بين التراقي ما لها من راق
ما لِليالي لا تُؤَلف شملها ... بعد ابن بجدتها (?) أبي إسحاق
إن قيل مات فلم يمت مَن ذكرُه ... حيٌّ على مر الليالي باق (?)
ومات أبو إسحاق، ولم يخلف درهماً ولا عليه درهم، وكذا فليكن الزهد، وما تزوج فيما أعلم (?)، ولم يمت إلا بعد أن ترك أثراً نافعاً خلفه من المصنفات والعلماء والخطباء والقضاة، فعن أبي إسحاق قال: خرجت إلى خراسان فما دخلت بلدة إلا كان قاضيها أو خطيبها أو مفتيها من أصحابي (?).
الإمام الكبير، شيخ الشافعية، إمام الحرمين، أبو المعالي، عبدُ الملك, ابن الإمام أبي عبد الله بن يوسف بن عبد الله بن يوسف بن محمد بن حَيويه الجُويني، ثم النيسابوري، ضياء الدين الشافعي صاحب التصانيف, ولد في أول سنة تسع عشرة وأربعمائة (?).
1 - شيوخه: دأب إمام الحرمين منذ صغره على تحصيل العلم، وبذل من أجل ذلك جهدًا عظيماً، فكان يصل الليل بالنهار (?)، تلقياً عن كبار علماء ومشايخ عصره، واستمر الجويني في ذلك حتى بعد أن قعد للتدريس في مجلس والده (?)، ومن أشهر شيوخه والده أبو محمد الجويني، وأبو القاسم الإسفراييني، وكان من رؤساء متكلمي الأشاعرة، وأعيان الشافعية، والمعروفين في الفتوى, وكان يميل إلى الزهد والورع، وله قدم في النظر والتدريس مع ميل إلى طريق السلف, وتتلمذ على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي، وكان إمام الحرمين،