بالبصرة سنين، وعاشرته ببغداد إلى أن توفي -رحمه الله- فلم أجد أورعَ منه، وأغضَّ طرفاً، ولم أر شيخاً أكثر حياءً منه في أمور الدنيا، ولا أنشط منه في أمور الآخرة (?) ويحكي أبو الحسين السَّروي من عبادته في الليل واشتغاله، ما يدل على حرصه وقوته في العبادة (?)، قال ابن خلكان: وكان يأكل من غَلةِ ضيعة وقفها بلال بن أبي بردة بن أبي موسى على عَقبِه، وكانت نفقته في كل يوم سبعة عشر درهماً، هكذا قاله الخطيب (?).
قال أبو الحسن الأشعري: هذه حكاية جملة ما عليه أهل الحديث والسنة:
1 - الإقرار بالله وملائكته ورسله وأن محمداً عبده ورسوله.
2 - وأن الجنة حق وأن النار حق وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور.
3 - وأن الله سبحانه وتعالى على عرشه كما قال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5].
4 - وأن له يدين بلا كيف كما قال: {خَلَقْتُ بِيَدَيَّ} [طه: 75].
5 - وأن له عينين بلا كيف كما قال: {تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا} [القمر: 14].
6 - وأن له وجهاً كما قال: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ} [الرحمن: 27].
7 - وأن أسماء الله لا يقال إنها غير الله كما قالت المعتزلة والخوارج.
8 - وأقروا أن لله سبحانه علماً كما قال: {أَنْزَلَهُ بِعِلْمِهِ} [النساء: 166] وقال:
{وَمَا تَحْمِلُ مِنْ أُنْثَى وَلاَ تَضَعُ إِلاَّ بِعِلْمِهِ} [فاطر: 11].
9 - وأثبتوا السمع والبصر ولم ينفوا ذلك عن الله كما نفته المعتزلة.
10 - وأثبتوا لله القوة كما قال: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً}
[فصلت: 15].
11 - وقالوا: إنه لا يكون في الأرض من خير ولا شر إلا ما شاء الله.
12 - وأن الأشياء تكون بمشيئة الله، كما قال عز وجل: {وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللهُ} [التكوير: 29]. وكما قال المسلمون: ما شاء الله كان وما لا يشاء لا يكون.
13 - وقالوا: إن أحداً لا يستطيع أن يفعل شيئاً قبل أن يفعله أو يفعل شيئاً علم الله أنه لا يفعله.