كل ما ثبت بالنص من أمور الغيب التي أوجب الله على عباده إخلاص الإيمان بها. وكتب بذلك كتبه الأخيرة ومنها في أيدي الناس كتاب «الإبانة» وقد نص مترجموه على أنه آخر كتبه، وهذا ما أراد أن يلقى الله عليه، وكل ما خالف ذلك مما ينُسب إليه، أو صارت تقول به الأشعرية، فإن الأشعري رجع عنه إلى ما في كتاب الإبانة وأمثاله (?).

الوجه الثاني: التقاؤه بالحافظ زكريا الساجي: بعد خروجه من الاعتزال والتخلص من طريقة ابن كلاب لجأ إلى الأئمة من أهل الحديث ممن عُرفوا بسلامة عقيدتهم وصفاء منهجهم ليأخذ منهم مقالة السلف وأصحاب الحديث, ومن أشهرهم الحافظ الثبت محدث البصرة زكريا الساجي (?)، يقول ابن تيمية عن الأشعري: وأخذ عن زكريا الساجي أصول الحديث بالبصرة، ثم لما قدم بغداد أخذ عن حنبلية بغداد أموراً أخرى، وذلك آخر أمره، كما ذكره هو وأصحابه في كتبهم (?)، وقال الذهبي عندما ترجم للحافظ الساجي: وعنه أخذ أبو الحسن الأشعري الأصولي تحرير مقالة أهل الحديث والسلف (?)، وقال في مكان آخر عن الساجي: أخذ عنه أبو الحسن الأشعري مقالة السلف في الصفات واعتمد عليها أبو الحسن في عدة تآليف (?)، ومن الذين أثبتوا للأشعري هذا اللقاء مع المحدث الحافظ زكريا الساجي، وجعلوه نقطة تحول كبيرة عند الأشعري (?)؛ الإمامان: ابن القيم (?) وابن كثير (?)، وغيرهما (?).

الوجه الثالث: تأليفه كتاب الإبانة وإثباته له. إن آخر الكتب التي ألفها الأشعري رحمه الله هو كتاب الإبانة, وقد ذكر في هذا الكتاب انتسابه للإمام أحمد رحمه الله، والتزامه بعقيدة السلف الصالح، واتباع أئمة الحديث، وذكر بعد هذا عقيدة السلف الصالح في أمور الدين، ولقد أثبت هذا الكتاب للأشعري جمع كثير من الأئمة، من المتقدمين والمتأخرين (?)، وأقرب العلماء زمناً بزمن الأشعري هو ابن النديم (ت 385هـ) فقد ذكر في كتابه «الفهرست» ترجمة للأشعري وذكر جملة من كتبه التي ألفها، ومنها كتاب «التبيين عن أصول الدين» وجاء بعده ابن عساكر وانتصر للأشعري، وأثبت له كتاب «الإبانة» ونقل منه كثيراً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015