السلجوقي، فكتب ابن هبيرة رسالة طويلة للسلطان السلجوقي ذكر فيها ما عرف عن سلاطين السلاجقة من حسن الطاعة، والتأدب مع الخلفاء, والحرص على الذب عنهم ممن يحاول النيل منهم، وأشار إلى شكوى الخليفة من الشحنة. فكان لرسالته أبلغ الأثر في نفس السلطان فكتب للخليفة يعتذر ويستنكر ما فعله الشُحنة، كما أوقف الشُحنة عند حده. فسرَّ الخليفة من ابن هبيرة، وزاد تقديره له، فولاه وزارته (?)،

ومن المرجح أن السبب في إسناد الوزارة إليه يرجع إلى مشورته على الخليفة المقتفي لأمر الله بألا يؤدي أي مبلغ من المال لمحمد شاه بن السلطان محمود، مقابل رفع حصاره عن بغداد، لأن هذا سيكون حافزاً للسلاجقة للمطالبة بالمزيد، وأشار بصرف المبلغ المطلوب، وقدره ثلاثون ألف دينار في إعداد جيش للخلافة من الترك والأكراد وأهل بغداد وأعمال العراق لصد قوات محمد شاه، فقبل الخليفة رأي ابن هبيرة، وفوضه في إعداد هذا الجيش، فلم تمض أيام قليلة حتى اجتمع عسكر كثير فخرج به ابن هبيرة لقتال محمد شاه وأصحابه، فهزمهم، فلما أيقن الخليفة بحسن رأي ابن هبيرة استدعاه وولاه الوزارة سنة 544هـ (?) وظل ابن هبيرة وزيراً للمقتفي لأمر الله، حتى توفي هذا الخليفة سنة 555هـ وخلفه المستنجد بالله، فأقر ابن هبيرة في الوزارة. ويذكر ابن كثير أن الخليفة المستنجد بالله، وعد ابن هبيرة بأن يظل محتفظاً بمنصبه حتى وفاته (?)، وقد قام الوزير بدور كبير في تخليص الخلافة العباسية من النفوذ السلجوقي واستعادة سلطة الخلفاء العباسيين في الدولة، وقد استطاع بمساعدة الجيش الذي أعده تخليص العراق وجميع أعماله من سيطرة السلاجقة (?). ويصف المؤرخون ابن هبيرة بأنه كان عالماً فاضلاً، ذا رأي صائب، يقرب أهل العلم من الفقهاء والمحدثين والأدباء، ويبالغ في إكرامهم (?)، وكان ينفق عليهم وعلى الفقراء كل ما يدخل عليه من مال، حتى قيل إنه لم تجب عليه زكاة قط (?).

وقد لاحظنا أن حركة النهوض التي قام بها نور الدين محمود ونجاحه في حرب الصليبيين من أسباب خروج مؤسسة الخلافة والوزارة من الركود والضعف إلى النشاط والحيوية والقوة، ودعمها المعنوي والمادي لنشاطات نورالدين الجهادية وكذلك صلاح الدين، كما سيأتي بيانه بإذن الله تعالى. توفي الوزير ابن هبيرة سنة 560هـ، وكان يوم وفاته يوماً

طور بواسطة نورين ميديا © 2015