انتهت بهزيمة أهل الأندلس، ومقتل مرشحهم الخليفة المرتضي (409 هـ - 1018 م) (?).
وعاد المنذر وحلفاؤه النصارى إلى الشمال، وقد أيقن أنه يؤازر قضية خاسرة، وكانت حوادث بلنسية تؤذن يومئذ بأن تفتح ميداناً جديداً لنشاط المنذر.
ذلك أنه لما توفي أميرها الفتى مبارك في أواخر سنة 408 هـ، وخلفه في حكمها الفتى لبيب العامري صاحب طرطوشة بدعوة من أهلها، ثم شاركه في حكمها مجاهد العامري صاحب دانية حسبما فصلنا ذلك في موضعه، عاد أهل بلنسية فسخطوا على لبيب، لوقوعه تحت نفوذ صاحب برشلونة الكونت رامون برنجير، وإفساحه له مجال التدخل في شئونها بصورة ظاهرة، وثاروا عليه، ففر لبيب إلى طرطوشة، واستمر مجاهد في حكم المدينة بالإضافة لحكم دانية.
ولكن أهل بلنسية لم يقنعوا بذلك، واستدعوا لحكم المدينة المنذر بن يحيى، فسار في بعض قواته صوب بلنسية، واستعد مجاهد للقائه، ووقعت بينهما بعض معارك خشى الناس عواقبها، ولم ينقذ ذلك الموقف إلا ما عمد إليه الفتيان العامريون من الاجتماع، وعقد البيعة لحفيد مولاهم عبد العزيز بن عبد الرحمن ابن المنصور، وتعيينه أميراً لبلنسية، وذلك في سنة 411 هـ (1021م) وعندئذ انسحب مجاهد إلى دانية، وعاد المنذر إلى سرقسطة (?).
واستمر المنذر في حكم مملكة سرقسطة ثلاثة أعوام أخر حتى توفي في سنة 414 هـ (1023 م). وكانت تربط المنذر بجيرانه الأمراء النصارى، ولاسيما رامون بوريل أمير برشلونة علائق مودة وثيقة، وكذلك كانت تربطه مثل هذه العلائق بسانشو الكبير (شانجه) ملك نافار وولده فرناندو الأول ملك قشتالة، وألفونسو الخامس ملك ليون. وقد بالغ المنذر فيما يبدو في صداقته لأولئك الملوك النصارى، حتى أنه نظم في قصره بسرقسطة، حفلا لعقد المصاهرة بين أميرين من أولئك الأمراء، هما سانشو ملك نافار ورامون بوريل أمير برشلونة، حضره الفقهاء والقساوسة وأعيان الملتين، فسخط عليه الناس من أجل ذلك، ورموه بألسنة حداد، بيد أنه قد حقق بهذه السياسة لنفسه مسالمة