وقوله:
يا رب ليل أطال الهجر مدته ... فأيأس القلب عن إدراك منتصفه
ليل تطاول حتى قد تبين لي ... عند التأمل أن الدهر من سدفه
وقوله في الغزل:
أترى الزمان يسرنا بتلاقي ... ويضم مشتاقاً إلى مشتاق
وتعض تفاح الخدود شفاهنا ... ونرى منى الإحداق بالأحداق
وتعود أنفسنا إلى أجسامها ... فلطالما شردت على الآفاق (?)
وخلف عبد الملك بن رزين ولده يحيى الملقب بحسام الدولة، وكان أميراً عاجزاً ضعيف العقل، مدمناً للشراب، وكان يسعى إلى مصانعة ملك قشتالة ألفونسو السادس، والتماس مودته، واجتناب سطوته، فبعث إليه بهدية حافلة من الحلي والخيل والبغال، ومختلف التحف النادرة، فكافأه عنها ألفونسو بأن بعث إليه قرداً هدية منه إليه. فكان يحيى لسخفه وسقم عقله، يفخر باقتناء هذا القرد، ويفخر بأن هاداه ملك قشتالة (?). والواقع أن مُلك بني رزين كان يدنو عندئذ من نهايته بسرعة. ذلك أن المرابطين كانوا قد اجتاحوا يومئذ شرقي الأندلس كله، وتوجوا سلطانهم في تلك المنطقة بالاستيلاء على بلنسية في شعبان سنة 495 هـ (1102 م)، وأخذوا يضعون خططهم للاستيلاء على قواعد الثغر الأعلى. وكان عبد الملك بن رزين. قد أعلن قبيل وفاته طاعته لأمير المسلمين يوسف بن تاشفين (?)، ولكن هذا الاعتراف لم يكن كافياً لتحقيق خطة المرابطين في القضاء على سائر دول الطوائف. ومن ثم فقد تابع المرابطون زحفهم نحو الشمال، وفي اليوم الثامن من رجب سنة 497 هـ (إبريل 1104 م) دخل المرابطون مدينة شنتمرية، وخلعوا أميرها يحيى بن عبد الملك بن رزين، وانتهت بذلك دولة بني رزين الصغيرة بعد أن عاشت زهاء تسعين عاماً، ولم يبق من بعدها من دول الطوائف العديدة سوى مملكة سرقسطة، وقد كانت هي الأخرى تدنو سراعاً من الخاتمة المحتومة.