مغضباً إلى ألمرية، ثم عاد في قواته إلى مرسية، وضيق على المعتصم حتى اضطره إلى الخروج عنها، وذلك في ربيع الأول سنة 413 هـ (1022 م)، واستولى الفتيان على سائر أمواله، ولجأ المعتصم إلى أوريولة فطارده خيران، وألح عليه، ففر منها، ولحق بدانية، والتجأ حيناً إلى أميرها مجاهد العامري، ثم غادرها، وسار إلى غربي الأندلس، وهناك عاش بضعة أعوام أخرى حتى توفي في سنة 421 هـ (1030 م) (?).
- 1 -
واستقر عبد العزيز المنصور في حكم بلنسية دون منازع. وكانت له في بداية حكمه علائق مودة متبادلة مع القاسم بن حمود الخليفة بقرطبة، كذلك انضوى تحت لوائه مجاهد العامري حيناً، ثم اختلفا وناصبه العداء، وأخذ مجاهد يتربص الفرص لمهاجمته والإيقاع به. وعمل عبد العزيز على جمع المشردين من أهل بيته، فآواهم، وأولاهم صادق المحبة، وأغدق عليهم الأرزاق الوفيرة، حتى غدا في ذلك أجمل قدوة لأمراء عصره، واستخدم في ديوانه أربعة من أشهر كتاب عصره، كانوا يعرفون بالطبائع الأربع، وهم ابن طالوت، وابن عباس، وابن عبد العزيز، وابن التاكرني كاتب رسائله. ولما أعلن القاضي ابن عباد صاحب إشبيلية في سنة 426 هـ (1035 م) ظهور هشام المؤيد ودعا لخلافته، كان عبد العزيز المنصور في مقدمة الأمراء الذين بايعوه، واعترفوا بخلافته (?).
وكانت تطورات الحوادث في مملكة ألمرية، أهم ميدان لجهود عبد العزيز السياسية والعسكرية. ونحن نعرف أن مملكة ألمرية، كانت وقت أن ظفر عبد العزيز برياسة بلنسية، تحت حكم الفتى خيران العامري، وهو في نفس الوقت صاحب مرسية وأوريولة، فلما توفي خيران في سنة 419 هـ، خلفه في رياسة مملكة ألمرية، نائبه وزميله الفتى زهير العامري، وقد كان مثل خيران من أكابر الفتيان العامريين، وأكثرهم إقداماً وعزماً. ونحن نعرف كيف