ْببلنسية، في كنف الوزير أبى بكر بن عبد العزيز. ثم في كنف ولده أبى عمرو عثمان. ولما استولى القادر بن ذى النون على المدينة، تقرب إليه، واستمر على حاله من الكرامة والدعة. فلما ثار القاضي ابن جحاف، وقتل القادر، واستولى على الحكم، لم يكن ابن طاهر من أنصار هذا الانقلاب، وكان يأخذ بالأخص على ابن جحاف أنه سفك دم القادر، وله في ذلك أبيات يقول فيها:

أيها الأخيف مهلا ... فلقد جئت عويصا

إذ قتلت الملك يحيى ... وتقمصت القميصا

رب يوم فيه تجزى ... لم تجد عنه محيصا

ومن ثم فقد كان ابن جحاف يتوجس منه، ويخشى مناوأته، ويتهمه بالاتصال بالسيد والقشتاليين، والتآمر معهم ضده. وقد كانت هذه التهمة باطلة.

ذلك أنه لما دخل السيد وجنده القشتاليون بلنسية في سنة 487 هـ (1094 م)، لم يستطع ابن طاهر أن يروض نفسه على البقاء فيها، فغادرها فيمن غادرها من الأكابر. وفي رواية أنه كان ضمن من قبض عليهم السيد من أكابر المدينة ثم أفرج عنه بعد ذلك فسار إلى شاطبة، واستقر بها حيناً، حتى تطورت الحوادث، ومات السيد، واستولى المرابطون على بلنسية، وعادت إليها سلطة الإسلام، فعندئذ عاد إليها ابن طاهر، وقد أثقلته السنون، وهدمه الإعياء والمرض، فعاش بها أعواماً أخرى في عزلة واعتكاف، ثم توفي في سنة 507 هـ (1013 م)، وقد أربى على التسعين (?).

ويلخص ابن بسام المرحلة الأخيرة من حياة ابن طاهر في الفقرة الآتية: " ومد لأبى عبد الرحمن بن طاهر في البقاء، حتى تجاوز مصارع الرؤساء، وشهد محنة المسلمين ببلنسية على يد الطاغية الكنبيطور قصمه الله، وجعل بذلك الثغر في قبضته سنة ثمانية وثمانين " (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015