ينقم على أودو نفوذه واستقلاله بالجنوب، وقد غزا بالفعل أكوتين غير مرة وهزم أميرها. فكان أودو في الواقع بين نارين، يخشى الفرنج في الشمال، والعرب في الجنوب. وكانت جيوش كارل مارتل تهدده وتعيث في أرضه (سنة 731) في نفس الوقت الذي سعى فيه منوسة إلى محالفته، والاستعانة به على تنفيذ مشروعه في الخروج على حكومة الأندلس، والاستقلال بحكم الولايات الشمالية. وقد رأى منوسة اكتساباً للوقت وكتماناً لحقيقة مشروعه، أن يسبغ على محالفته مع الدوق صفة هدنة عقدت بينه وبين الفرنج، ولكن عبد الرحمن أمير الأندلس ارتاب في أمر الثائر ونياته، وأبى إقرار الهدنة التي عقدها. وعندئذ كشف منوسة القناع، وأعلن الثورة، فأرسل عبد الرحمن إلى الشمال حملة قوية بقيادة ابن زيان لتأديب الزعيم الثائر، والتحوط لسلامة الولايات الشمالية، فاستعصم منوسة بمواقعه الجبلية، وتحصن في عاصمة إقليمه " مدينة الباب " (?)، الواقعة على منحدر جبال البرنيه، وكان يظن أنه يستطيع أن يتحدى الجيش الإسلامي، وأن يعتصم بالصخر، كما اعتصم به الزعيم القوطي "بلاجيوس" (بلايو) ولكنه كان مخطئاً في تقديره، فقد نفذ ابن زيان بجيشه إلى مدينة الباب، وحاصر الثائر في عاصمته، ففر منها إلى شعب الجبال الداخلية، فطارده ابن زيان من صخرة إلى صخرة، حتى أخذ وقتل مدافعاً عن نفسه، وتحطمت أطماعه ومشاريعه (113هـ - 731 م) (?)، وأسرت زوجه الحسناء لامبجيا، وأرسلت إلى بلاط دمشق، واستقبلها الخليفة (هشام بن عبد الملك) بحفاوة وإكرام، وزوجت هنالك من أمير مسلم لا تذكر لنا الرواية اسمه (?).