وردت من بينها رسالة، نشك كل الشك في أنها صادرة من المعتمد بن عباد إلى يوسف بن تاشفين، لأنها قد صدرت بنصها، بعد ذلك بنحو قرنين من محمد الفقيه (ابن الأحمر) ملك غرناطة، إلى السلطان أبي يوسف المريني ملك المغرب، يستنصره ويستنجد به على النصارى (?).

وقد تتبعنا هنا فكرة استنصار الأندلس بالمرابطين بالأخص من ناحية ارتباطها بالمعتمد بن عباد وسياسته. وسوف نعود إلى تتبع مراحلها من الناحية الأخرى، ناحية ارتباطها بتاريخ المرابطين.

وعلى أي حال فقد استجاب زعيم المرابطين، بعد مشاورات ومباحثات طويلة مع الزعماء والفقهاء، لدعوة أمراء الأندلس، واعتبر الصريخ، دعوة إلى المشاركة في الجهاد، والذود عن الدين المشترك، بيد أنه عملا بنصح وزيره عبد الرحمن بن أسبط، وهو أندلسي من أهل ألمريه، خبير بشئون الجزيرة، اشترط لإجابة الدعوة، وعبوره إلى الأندلس، أن يسلم إليه ثغر الجزيرة الخضراء، ليكون قاعدة لعبوره في الذهاب والإياب، فنزل المعتمد عند هذه الرغبة بالرغم من معارضة ولده الرشيد، وكان حاكم الجزيرة يومئذ هو ولده يزيد الراضي، فأمره باخلائها والانتقال عنها، لكي تحتلها جنود أمير المسلمين (?).

وفي تلك الأثناء كان زعيم المرابطين يوسف بن تاشفين يحشد جنده وعدده، ويرسلها تباعاً إلى الشمال. فلما تكاملت الحشود، بعث يوسف بقوة من الفرسان تحت إمرة قائده داود بن عائشة، فعبرت البحر، واحتلت ثغر الجزيرة الخضراء وفقاً لما تعهد به المعتمد. وفي شهر ربيع الآخر سنة 479 هـ (أغسطس 1086 م) بدأت الجيوش المرابطية وعلى رأسها زعيمها البطل الشيخ، تعبر البحر من سبتة تباعاً إلى ثغر الجزيرة، وما كادت السفن تتوسط ماء المضيق (مضيق جبل طارق) تتقدمها سفينة يوسف، حتى نهض الزعيم المرابطي، وبسط يديه نحو السماء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015