الإعجاب والعطف، واستقبلته " نود " ملكة النورمان، فراعه حسنها، وشملته بعطفها، ورآها بعد ذلك مراراً، ونظم في حسنها شعراً رقيقاً، يورده لنا ابن دحية، وفيه يخاطبها بقوله:
يا نود يا رود الشباب التي ... تُطلع من أزرارها الكوكبا
وعاد الغزال إلى الأندلس بعد رحلة دامت عشرين شهراً، وكان عوده عن طريق شنت ياقب. ويقول لنا ابن دحية إنه كان يحمل من ملك النورمان كتاباً إلى صاحبها، وهو ملك جليقية وليون. والظاهر أنه كان كتاب توصية وجواز، لكي يستطيع السفير المسلم وزملاؤه اختراق المملكة النصرانية الشمالية، في طريقهم إلى الأندلس. وقد اخترق الغزال بالفعل مملكة ليون، وسار إلى طليطلة، ومنها إلى قرطبة. والمرجح أن وصوله إلى قرطبة، كان سنة 232هـ (أواخر سنة 846 م).
وعاش الغزال بعد ذلك زهاء عشرين عاماً أخرى، وتوفي في سنة 250هـ.
وقد بلغ الرابعة والتسعين من عمره، إذ كان مولده في سنة 156 هـ (?)، وأدرك خمسة من أمراء بني أمية بالأندلس أولهم عبد الرحمن الداخل، وآخرهم محمد ابن عبد الرحمن. وكان مدى نصف قرن يتبوأ الزعامة في الشعر والأدب والحكمة، ويتبوأ في بلاط قرطبة أسمى مقام من النفوذ والثقة والتقدير (?).