الإسلامية الكبيرة إلى التسليم، ودخلها النصارى فى 23 ديسمبر سنة 1248 (أوائل رمضان سنة 646 هـ)، وفى الحال حولوا مسجدها الجامع إلى كنيسة جرياً على سنتهم، وبذلك وقعت معظم القواعد الإسلامية الكبرى فى يد النصارى، ولاح شبح الفناء للأندلس واضحا منذراً.
وتوفى فرناندو الثالث فى مايو سنة 1252 م، بعد أن حكم قشتالة خمسة وثلاثين عاما، ودفن فى إشبيلية آخر فتوحه، وقد غدت منذ افتتاحها عاصمة لقشتالة مكان طليطلة، وقد أسبغت عليه فيما بعد صفة القداسة، فسمى بسان فرناندو (القديس فرناندو) وذلك تنويها بما تم على يديه من ظفر عظيم للنصرانية.
...
وأما مملكة أراجون فقد تخلفت حينا عن قرينتها قشتالة فى مناهضة المسلمين، وكان ملكها بيدرو الثانى، الذى خلف أباه ألفونسو على العرش فى سنة 1196 م، أميراً وافر الشجاعة والفروسة، ولكنه شغل بتنظيم شئون مملكته الداخلية ومقاومة سلطان الأشراف، ثم حج إلى رومة ليتلقى تاجه من يد البابا. ولما عاد إلى أراجون شغل حينا بمحاربة الألبيين وغيرهم من الملاحدة فى جنوب فرنسا، وتوفى قتيلا فى إحدى المعارك (سنة 1224 م). فخلفه ولده خايمى (يعقوب) طفلا بالرغم من معارضة عميه سانشو وفرناندو، وثارت من جراء ذلك فى أراجون حرب أهلية استمرت عدة أعوام، ولكنها انتهت بفوز خايمى وحزبه على الثوار، فعاد إلى الجلوس على العرش دون منازع وذلك فى سنة 1227 م.
وما كاد خايمى (?) يستقر فى عرشه، حتى اعتزم أن ينزل ميدان الحرب ضد المسلمين، وأن يحاول الفوز بنصيبه من الأراضى الأندلسية، فبدأ بغزو الجزائر الشرقية (جزائر البليار) القريبة من شواطىء أراجون، وسير إليها فى سنة 1229 م (626 هـ) حملة بحرية قوية. وكانت ميورقة وباقى الجزائر الشرقية يومئذ تابعة لإمارة بلنسية التى يسيطر عليها الأمير أبو جميل زيان بن مدافع بن مردنيش، ويحكمها من قبله أبو يحيى بن يحيى أو محمد بن على بن موسى وفق رواية أخرى، فنزل النصارى إلى الجزيرة، ولكنهم لقوا داخلها مقاومة عنيفة، ودافع المسلمون