عليهم والمطالبة بتجريدهم من دينهم، والعمل على تنصيرهم بطريق الاضطهاد والعنف، وتردد الكنيسة الإسبانية من جانبها هذا التحريض. ولكن هذه السياسة الباغية لم تحدث أثرها إلا ببطىء، ولم يتسع نطاقها إلا فى أواخر القرن الخامس عشر عندما أشرفت الدولة الإسلامية فى غرناطة على نهايتها. وكان قيام مملكة غرناطة فى ذاته، عنصراً من عناصر تكييف السياسة الإسبانية إزاء المدجنين. ذلك أن ملوك اسبانيا فوق ما كان يحدوهم من رغبة المحافظة على مصالحهم وسكينة بلادهم بإيثار الرفق فى معاملة المدجنين، كانوا أيضاً يخشون سياسة الانتقام من النصارى المقيمين فى غرناطة، وفيما وراء البحر فى بلاد المغرب، بل وفى الممالك الإسلامية الأخرى مثل مصر وتركيا. على أن العوامل الاجتماعية والمحلية كانت من جهة أخرى تحدث أثرها فى مجتمع المدجنين. ذلك أنه بالرغم من جميع الفوارق التى كانت تفصل بينهم وبين النصارى، فقد جنح الكثير منهم إلى التشبه بجيرانهم، وانتهوا بمضى الزمن وأثر الاختلاط والتزاوج إلى فقد دينهم ولغتهم، ومميزاتهم الجنسية والقومية، والاندماج شيئاً فشيئاً فى المجتمع الذى يعيشون فيه؛ وهكذا أصبحوا بالتدريج قشتاليين ونصارى، وأضحى علماؤهم يكتبون كتب الدين والشريعة بالقشتالية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015