قصبة الأندلس الجنوبية، من المأمون وذلك في سنة 628 هـ (1231 م) (?).
وفي العام التالى (629 هـ) توفى المأمون خليفة الموحدين حسبما تقدم، وهو في طريقه إلى مراكش، ليعمل على إنقاذ عرشه من المتغلبين عليه. وبينما كان سلطان الموحدين بالأندلس يدنو سراعاً من نهايته، كانت دولتهم بالمغرب تدخل في دور الانحلال وتجوز مراحلها الأخيرة. وبالرغم من أنه لاح مدى لحظة، في ظل الخليفة أبي الحسن على السعيد (640 - 646 هـ)، الذي خلف الرشيد، أن الدولة الموحدية سوف تنهض من كبوتها، وتسترد قوتها، وتصمد أمام هجمات بني مَرين المتوالية، فإن مصرع السعيد الفجائى في الحرب ضد أمير تلمسان، قضى على هذه البارقة. ثم جاء الخليفة المرتضى بالله (646 - 665 هـ)، فضمت الخلافة الموحدية في ظله سراعاً إلى المنحدر، ثم اختتمت حياتها، بعد ذلك بقليل في فاتحة سنة 668 هـ (سبتمبر 1269 م)، على يد آخر خلفائها الواثق أبي دبوس، لتقوم على أنقاضها دولة بني مرين الفتية الشامخة.
وقد خاض ابن هود، قبل أن تستقر دعوته، مع الموحدين والنصارى معارك متوالية. فأما عن صراعه مع الموحدين، فقد بذل الخليفة المأمون قبل عبوره إلى المغرب محاولة لإخماد حركة ابن هود في المشرق، فلم يفلح (626 هـ)، وكان من أثر هذا الفشل، أن تمكنت دعوة ابن هود، وقامت إشبيلية عاصمة الأندلس الموحدية بالدخول في طاعته. على أن ابن هود لم يحرز مثل ذلك التوفيق في محاربة النصارى. ذلك أن ألفونسو التاسع ملك ليون، رأى أن ينتهز فرصة اضطراب الأحوال في الأندلس، وانهيار سلطان الموحدين في شبه الجزيرة، فخرج في قواته إلى منطقة الغرب الأندلسية، وزحف على مدينة ماردة، وضرب حولها الحصار. ولما علم ابن هود بذلك، سار في بعض قواته نحو الغرب لينقذ المدينة المحصورة، واشتبك مع الليونيين في معركة هزم فيها، واستولى الليونيون على ماردة، ثم احتلوا بعد ذلك بقليل مدينة بطليوس، وذلك في أواسط سنة 627 هـ (1230 م). وكان فرناندو الثالث ملك قشتالة، وهو ولد ألفونسو التاسع ملك ليون، يرقب الفرصة في نفس الوقت، لينتزع ما يمكن انتزاعه من أراضى الأندلس المتاخمة لقشتالة. فسير قواته لمقاتلة ابن هود، وقد كان يبدو في نظره