استدراك
- 1 -
جاء في القسم الأول من هذا المؤلف (عصر المرابطين وبداية الدولة الموحدية) ص 352 عند الكلام عن مصرع الكاتب الشاعر أبي جعفر بن عطية، أنه كان عند مصرعه فتى في السادسة والعشرين. وهذا ما نقلناه عن " الإحاطة " لابن الخطيب، وعلقنا عليه في حاشية أبدينا فيها أن ما يذكره ابن الخطيب عن سن ابن عطية لا يتفق مع مراحل حياته. وقد وقفنا بعد ذلك على رواية أخرى هي رواية ابن الأبار، وهي أن ابن عطية كان وقت مصرعه في السادسة والثلاثين من عمره، وأن مولده في سنة 517 هـ (?) لا في سنة 527 هـ حسبما يقول لنا ابن الخطيب. وهذه الرواية أكثر تناسقاً واتفاقاً مع حياة ابن عطية، إذ يقال لنا إنه تولى الكتابة عن أمير المسلمين، علي بن يوسف، ثم عن ولده تاشفين، ثم عن حفيده ابراهيم.
- 2 -
قرأنا في مقدمة ابن خلدون عن ابن قسى زعيم ثوار الغرب ودعوته، فقرة فاتنا أن نشير إليها عند كلامنا عنه (ص 377 و 466 من القسم الأول من كتابنا). ويقول لنا ابن خلدون في حديثه في الفصل الذي عنوانه " فصل في أن الدعوة الدينية من غير عصبية لا تتم " ما يأتي:
" وهذا لما قدمناه من أن كل أمر تحمل عليه الكافة، فلا بد له من العصبية. وفي الحديث الصحيح كما مر: " ما بعث الله نبياً إلا في منعة من قومه ". وإذا كان هذا في الأنبياء وهم أولى الناس بخرق العوائد، فما ظنك بغيرهم أن لا تخرق له العادة في الغلب بغير عصبية. وقد وقع هذا لابن قسى شيخ الصوفية، وصاحب كتاب " خلع النعلين " في التصوف، ثار بالأندلس داعياً إلى الحق، وسمى أصحابه بالمرابطين قبيل دعوة المهدي. فاستتب له الأمر قليلا لشغل لمتونة بما دهمهم من أمر الموحدين. ولم تكن هناك عصائب ولا قبائل يدفعونه في شأنه، فلم يلبث حين استولى الموحدون على الغرب أن أذعن لهم، ودخل في دعوتهم، وكان أول داعية لهم بالأندلس، وكانت ثورته تسمى ثورة المرابطين (المقدمة ص 133).