- 2 -
وهنالك طائفة كبيرة من علماء الدين، الذين نبغوا في الفقه أو الحديث والقراءات، ونبغوا في نفس الوقت في الأدب والشعر أو اللغة، وقد رأينا أن نذكرهم مجتمعين في هذا القسم على النحو الآتي:
ْكان من هؤلاء عبيد الله بن عمر بن هشام الحضرمي، أصله من إشبيلية، ونزح أهله إلى قرطبة، وبها ولد ونشأ. ودرس القراءات والحديث، والعربية والآداب، على أقطاب عصره، وتحول في حواضر الأندلس في طلب الاستزادة والتمكن. وكان مقرئاً، نحوياً، أديباً شاعراً. عبر البحر إلى المغرب، وتصدر للإقراء وتعليم الآداب والعربية، وتنقل بين مراكش ومكناسة وتلمسان. ثم قفل إلى الأندلس، ونزل ألمرية حينا، ثم غادرها إلى مرسية وولي الخطبة بجامعها، وله تصانيف عدة، منها " كتاب الإفصاح في اختصار المصباح " وكتاب في " شرح مقصورة ابن دريد ". وكان انفصاله عن مرسية في سنة 550 هـ، ولا يعرف كم عاش بعدها. ومولده في سنة 489 هـ (?).
وعبد الله بن محمد عبد الله الصنهاجي المعروف بابن الأشيري، نسبة إلى أشير من أعمال المغرب الأوسط. درس الحديث والفقه بالأندلس، وأخذ بها عن أبي بكر بن العربى، وابن عساكر، وشريح بن محمد، وأبي الفضل عياض، وأبي الوليد بن الدباغ وغيرهم. وكان أديبا، وكاتبا بليغا، كتب لصاحب المغرب (وهو فيما يرجح علي بن يوسف)، فلما توفي استتر وغادر المغرب إلى المشرق وحج، وجاور حينا بمكة، ثم توجه في أواخر حياته إلى حلب، وحدث بها وهنالك توفي في سنة 561 هـ (?).
ومحمد بن عبد الله بن ميمون بن إدريس العبدري، من أهل قرطبة. درس الفقه والحديث على أقطاب عصره، مثل ابن عتاب، وابن رشد، وابن مغيث، وابن العربى، وابن الباذش وغيرهم، وبرع بنوع خاص في علم اللغة، وكان مشاركا في فنون كثيرة، حافظا متمكنا، وشاعراً محسناً. غادر قرطبة أيام الفتنة وعبر البحر إلى المغرب، ونزل بمراكش، فاقرأ بها العربية والآداب، وله شرح مشهور " لجمل الزجاجي "، ومعشرات في الغزل، ونظم في الزهد،