أبو عبد الله المومنانى كان مقيما بإشبيلية، وبه ولاء للدولة الموحدية، فحرض أهل المدينة على القبض على الزعيم الخارج، وإرساله إلى المغرب، لما في ذلك من إرضاء للخلافة، وتحقيقاً لسلامها، فقبض على ابن وقاريط، وأرسل إلى المغرب محروساً في سفينة، رست به على ثغر أزمُّور، وهنالك تسلمه الوزير الشيخ أبو زكريا بن عطوش، وكان في سجن أزمور عدة من زعماء الخلط، كان الرشيد قد تحيل في استدعائهم وقبض عليهم، وبعث جنده فاستباحت محلاتهم وسبت أولادهم ونساءهم، ثم اعتقلوا بأزمور، فأمر الرشيد بإعدامهم، فأعدموا وحزت رؤوسهم، وأودعت في سفط وضع فوق جمل، أركب عليه ابن وقاريط وأرسل إلى مراكش على تلك الحالة. فلما وصل إلى الحضرة، احتاط به الناس، وأخذوا في لعنه، ثم أودع السجن، وأعدم بعد أيام قلائل، وعلقت جثته على باب الشريعة (أواخر سنة 635 هـ) وبذلك انتهى أمره، واستراح الرشيد من خصم من أخطر خصومه، وأشدهم عناداً وجلداً (?).

وفي العام التالي (636 هـ)، وصلت إلى الرشيد بيعة محمد بن الأحمر صاحب غرناطة ومالقة، وكان ابن الأحمر، يتردد في الطاعة بين الانضواء تحت طاعة ابن هود، والخلافة الموحدية والخلافة العباسية، وقد لبث يدعو للرشيد وللخلافة الموحدية، حتى وفاة الرشيد في سنة 640 هـ.

وحدث في هذا العام أيضا - 636 هـ - أن خرج ببلاد السوس ثائر يدعى بابن ياوجى، وامتنع بحصن تيوينوين، والتف حوله كثير من الناس، وانضم إليه عرب المعقل، فدس إليه أبو محمد بن أبي زكريا والي السوس رجلا من جزولة، استطاع أن يدخل الحصن وأن يقتله، ثم قطع رأسه وحمل إلى مراكش، وبذلك أخمدت ثورته في مهدها، وقد عرف حصن تيوينوين هذا من قديم، بأنه كان دائماً مركزاً للشقاق والعصيان، وبه خرج من قبل أبو قصبة، ثم ثار به ابن الفرس وامتنع به حتى اغتيل وقتل (?).

وفي سنة 637 هـ، وقعت بسبتة وأحوازها مجاعة عظيمة، واشتد القحط والغلاء، وسمى هذا العام " عام سبعة " وكان ذلك من جراء الفتن المتوالية، التي عصفت بالمناطق الغربية، ومن جراء الشرق وقلة الأمطار حتى عدمت الموارد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015