أخذوا يرهقونه بمطالبهم، في إصدار الظهائر لهم بامتيازات وحقوق معينة، أملا منهم في عوده إلى الخلافة، فأبى يحيى ذلك عليهم، فقتلوه غيلة، ودفنوا شلوه، وذلك في يوم الاثنين 28 رمضان سنة 633 هـ (مايو سنة 1236 م)، وذلك بمكان يسمى فحص الزاد، يقع بين فاس ورباط تازا، ثم بعثوا برأسه إلى الرشيد وهو بفاس (?)، فبعث بها الرشيد " في زق عسل " إلى مراكش، ومعها كتاب إلى الوالي أبي علي بن أبي محمد، فاستدعى الوالي الناس، وقرأ عليهم كتاب الخليفة، وعلق الرأس على باب الشريعة (?).

وقام الوالي أبو علي في نفس الوقت، بناء على أمر الخليفة، بإعدام بعض زعماء العرب من سفيان وجابر، وكانوا معتقلين بسجن الحضرة.

وهكذا كانت خاتمة يحيى المعتصم بن الناصر بن المنصور، بعد حياة مضطربة شريدة، استطالت مذ بويع بالخلافة لأول مرة في شوال سنة 624 هـ، حتى مصرعه في رمضان سنة 633 هـ، تسعة أعوام، لم ينعم خلالها بالاستقرار، والاتشاح بثوب الخلافة، سوى فترات يسيرة، كانت تتخللها مغامرات ومعارك مستمرة، أولا مع عمه ومنافسه القوي، أبي العُلى المأمون، ثم بعد ذلك مع ابنه الرشيد. وكان يحيى شخصية ضعيفة، لا تتميز بشىء من الإرادة أو حسن التصرف، وكان طول الوقت آلة في يد أنصاره، يوجهونه كيفما شاءوا، وإذا كنا نضعه من حيث الشكل في ثبت الخلفاء الموحدين، فإن عهد خلافته المتقطع، لم يقترن من الناحية العملية، بأي تصرف أو أثر يذكر.

- 3 -

وفي أوائل سنة 634 هـ، غادر الرشيد فاس عائداً إلى مراكش، فدخلها في موكب فخم، واستقرت الأمور، وانتظمت الأحوال، وساد الهدوء والسلام، وقام الرشيد بتعيين عمال النواحي، واستقام أمر الموحدين، وأخذوا في تنظيم شئونهم، وحرث أراضيهم، وتذوق الحياة الوديعة الهادئة.

وحدث في هذا العام أن استطاع أبو محمد بن وانودين والي درعة، الاستيلاء على سجلماسة، وكانت قد خرجت عن الطاعة. وذلك أن الرشيد لما غادر سجلماسة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015