الأمطار بعد ذلك. وفي شهر جمادى الأولى من سنة 565 هـ، حدثت زلازل عظيمة عند طلوع الشمس وعند زوالها في عدة من مدن الأندلس، وتوالت بالأخص في مدينة أندوجر مدة أيام حتى كادت أن تغوص منها الأرض، ووقعت كذلك بقرطبة وغرناطة وإشبيلية. يقول ابن صاحب الصلاة، وكان من سكان إشبيلية " فكان الرائي يرى حيطان الديار تضطرب وتميل حتى الأرض، ثم ترتفع وترجع على حالها بلطف الله تعالى. وتهدمت من ذلك ديار كثيرة في البلاد المذكورة وصوامع مساجدها " (?).
وفي شهر رجب سنة 565 هـ (أبريل سنة 1170 م)، كثرت غارات جيرالدو سمبافور على مدينة بطليوس، واشتد في إرهاقها، وقطع المؤن عنها، حتى شعرت المدينة بالضيق، فلما علم بذلك الموحدون في إشبيلية، قرروا أن يرسلوا إليها مدداً وافراً من المؤن، فجهزت إليها قافلة من نحو خمسة آلاف دابة تحمل الطعام والسلاح والعلوفات، وقدم لحراستها الحافظ أبو يحيى زكريا بن علي في قوة من الجند الموحدين بإشبيلية، ولما اقتربت هذه الحملة من مدينة بطليوس، خرج إليها جيرالدو في قواته وقوات أهل شنترين، ونشبت بين الفريقين معركة حامية استمرت عدة ساعات وهزم فيها الموحدون أشنع هزيمة، وأبيدت صفوفهم، وسقط قائدهم الحافظ أبو يحيى ضمن القتلى، واستولى النصارى على قافلة المؤن كلها. وكان ذلك في يوم 26 شعبان سنة 565 هـ (14 مايو سنة 1170 م). ووقعت أنباء هذه النكبة على الموحدين بإشبيلية وقرطبة أسوأ وقع، وبعثوا بخبرها إلى الخليفة في مراكش (?).
وكان الخليفة أبو يعقوب يوسف مريض في ذلك الوقت، وقد بدأ مرضه منذ أوائل سنة 565 هـ، واستمر أكثر من عام. ونحن نذكر أن الخليفة كان منذ أوائل سنة 564 هـ يزمع تنظيم حركة الجهاد بالأندلس، وأنه وجه رسالته بذلك إلى الموحدين بها في ربيع الآخر من هذا العام، ويذكر لنا ابن صاحب الصلاة أن الخليفة أمر بهذه المناسبة بضرب الطبول والخروج، وركب بنفسه في هيئة الغزو، وخرج من مراكش، ونزل بوادي تانسيفت على مقربة منها، معلناً