بسم الله الرحمن الرحيم

تصدير

تناولنا في القسم الأول من هذا الكتاب، تاريخ الدولة المرابطية بالمغرب والأندلس، منذ وفاة عاهلها ومؤسسها يوسف بن تاشفين في سنة 500 هـ (1106 م)، حتى سقوطها بعد ذلك بنحو أربعين عاماً، وقيام الدولة الموحدية، على يد داعيتها وإمامها المهدى ابن تومرت، واستكمال فتوحها، وتوطد دعائمها بالمغرب والأندلس، على يد أول خلفائه، عبد المؤمن بن علي، مؤسس الدولة الموحدية الكبرى.

وفى هذا القسم الثاني من الكتاب، نتناول عصر الموحدين في المغرب والأندلس، ونعرض تاريخ الدولة الموحدية الكبرى، منذ بداية عهد ثانى خلفائها، أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن في سنة 558 هـ (1163م)، حتى انحلالها وسقوطها في عهد آخر خلفائها إدريس الملقب بأبي دبوس، وذلك في سنة 668 هـ (1269 م)، وهي حقبة تزيد على قرن من الزمان، وهي حقبة حافلة بعظائم الحوادث والتطورات، سواء في المغرب أو الأندلس.

وبالرغم من أن الأندلس لم تكن في ظل الدولة الموحدية، سوى قطر من أقطارها العديدة، يتبع المغرب وحكومة مراكش، حاضرة الدولة الرئيسية، فإنها لبثت محتفظة بأهميتها السياسية والعسكرية، واستقلالها المعنوي والحضاري، ومن ثم فقد خصصنا تاريخ الأندلس، وتاريخ صراعها مع الدول النصرانية الإسبانية، في هذه المرحلة الطويلة من تاريخ الموحدين، بما يستحقه من العناية والإفاضة، ومضينا في استعراضه في ظل الحكم الموحدي، حتى قيام الدولة الهودية المتوكلية، في شرقي الأندلس وأواسطها، ثم قيام مملكة غرناطة، آخر دول الإسلام بالأندلس، على يد مؤسسها العبقري محمد بن الأحمر النصري، وأفضنا القول، بنوع خاص، فيما نزل بالأندلس، في هذه الفترة المدلهمة من تاريخها، من النوائب والمحن، بسقوط قواعدها الكبرى، التي أذكت لوعة الشعر الأندلسي، وأملت على أبي الطيب الرندي مرثيته الشهيرة التي مطلعها:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015