نحو خمسة وعشرين كتاباً لم يصلنا منها سوى القليل، وكان ابن باجة فضلا عن ذلك أديباً شاعراً، وله طائفة من الشعر الرصين الجيد، فمن ذلك قوله في رثاء حاميه الأمير أبى بكر:
سلام وإلمام ووسمي مزنة ... على الجدث الثاني الذي لا أزوره
أحق أبو بكر تقضي فلا ترى ... ترد جماهير الوفود ستوره
لئن أنست تلك اللحود بلحده ... لقد أوحشت أقصاره وقصوره
وقوله:
ضربوا القباب على أقاصي روضة ... خطر النسيم بها ففاح عبيرا
وتركت قلبي سار بين حمولهم ... داعي الكلوم سيوف تلك العيرا
لا وافد جعل الغصون معاطفا ... لهم وصاغ الأقحوان ثغورا
ما مر بي ريح الصبا من بعدهم ... إلا سهرت له فعاد سعيرا (?).
ومنهم علي بن عبد الرحمن بن يوسف بن مروان بن يحيى الخزرجي الطبيب، أصله من طليطلة، ونشأ بها ودرس، وبرع إلى جانب تمكنه من الفقه، في علم الطب، درسه على أبى المطرف بن وافد، وهو يومئذ من أشهر أطباء الأندلس وعلمائها. واشتهر بمهارته، في طرق العلاج. ولما استولى القشتاليون على طليطلة في سنة 478 هـ (1085 م) غادرها، وتجول في مختلف ربوع الأندلس، ونزل بطليوس ثم إشبيلية، ثم قرطبة، وبها توفي سنة 499 هـ (1105 م) (?).
ومنهم العلامة الطبيب والفلكي أمية بن عبد العزيز بن أبى الصلت. وقد ولد بثغر دانية سنة 460 هـ، ودرس على أقطاب عصره، ولاسيما أبى الوليد الوقّشي قاضي دانية. وبرع في الأدب والفلسفة والطب والفلك. غادر وطنه دانية، وقد اضطربت بها الأمور، ونزح إلى مصر في سنة 489 هـ، في خلافة المستعلي الفاطمي ولد المستنصر، ووزيره الأفضل شاهنشاه، تحدوه آمال كبيرة في الظفر بحياة أكثر استقراراً، وأوفر رزقاً ورغداً، ونزل بثغر الإسكندرية، وعاش به حيناً، ثم قدم إلى القاهرة، واتصل بالأفضل بواسطة بعض حاشيته، فلم يفز بشىء مما كان يؤمل، وأدركته خيبة أمل يعبر عنها في شعره: