قرى إشبيلية. ثم استدعاه أبو إسحق برّاز بن محمد المسّوفي عامل إشبيلية الموحدي للكتابة، فتولى منصبه على كره منه، ثم كتب من بعده للأمير أبى حفص ابن عبد المؤمن، ثم كتب عن عبد المؤمن نفسه، بعد مقتل كاتبه ابن عطية، ثم عن ولده أبى يعقوب يوسف، وقت ولايته لإشبيلية، وتوفي في سنة 568 هـ (1172) (?).
ومنهم على بن أحمد بن محمد بن عثمان الكلبي الشلطيشي، من أهل المغرب، سكن قرطبة، وكان فقيهاً متمكناً، وكاتباً بليغاً، وشاعراً مجيداً. ولما ثار أخوه أبو بكر محمد داعية المريدين بميرتلة، سنة 539 هـ، خاف على نفسه، واختفى أشهراً، ثم غادر قرطبة وتجول حيناً في مختلف القواعد الأندلسية، ثم عبر البحر إلى المغرب، ونزل بمراكش، وأقام بها حتى توفي سنة 566 هـ (1171 م) (?).
ومنهم أبو الحسن علي بن مسعود بن إسحق بن عصام الخولاني، من أهل سرقسطة، وكان فقيهاً بارعاً، حافظاً للمدونة، وله حظ وافر من الأدب، ولي قضاء ميورقة. ولما دهم النصارى سرقسطة في سنة 512 هـ، وبعث قاضيها بصريخه إلى الأمير أبى الطاهر تميم المرابط بجيشه على مقربة منها، كان أبو الحسن الخولاني، وزميله الخطيب أبو زيد بن منتيال، هما اللذان خرجا لمخاطبة الأمير تميم بالنيابة عن أهل سرقسطة، وناشداه الغوث والإنجاد، ولكنه لم يستجب إلى هذا الصريخ، وانتهت سرقسطة إلى التسليم (?).
- 3 -
ولمع في العصر المرابطي عدة من الأدباء المؤرخين، وأعلام الرواية المحققين، الذين ما زالت آثارهم من أقيم مصادرنا في تاريخ الأندلس، وتاريخ الأدب الأندلسي.
وكان في مقدمة هؤلاء قطبهم وعميدهم، أبو الحسن علي بن بسّام الشنتريني، صاحب كتاب " الذخيرة "، وهو من أقيم وأشهر كتب الأدب والتاريخ في هذا العصر، إن لم يكن أقيمها وأشهرها جميعاً. وابن بسام من أهل غربي الأندلس من مدينة شنترين البرتغالية، ولكنه غادرها في شبابه إلى إشبيلية حينما اضطربت