ففي إحدى هذه الرسائل، وهي المؤرخة في شوال سنة 507 هـ، ينوه على ابن يوسف، بالحركة التي يعدها للجهاد، وبكونه قد بالغ الاحتشاد والاستعداد، ويؤكد لمن وجهت إليهم الرسالة، إخلاص نيته، وصدق حميته " في نصر دين الإسلام، ومنع جانبه أن يضام، أو يناله من عدوه اهتضام " (?).
وفي رسالة أخرى، وهي التي يشير فيها إلى ما عرضه عليه القاضي أبو الوليد ابن رشد، عن شئون الأندلس (والمرجح أنها وجهت أوائل سنة 520 هـ) يبدي على عطفه وإشفاقه على الأندلس، ويؤكد أنه لن يدخر وسعاً " في الذود عن حوزة الملة " (?). وتوجد ثمة رسائل أخرى، تنم عن يقظة الأمير واهتمامه بشئون الأندلس، وتنبهه لما يدبره أعداؤها ضدها (?). وإلى جانب ذلك توجد عدة رسائل تنم عن صفة الحكم المرابطي وطبيعته الدكتاتورية المطلقة. من ذلك ما ورد في الرسالتين السادسة والسابعة، من حث الأمير على طاعة الحاكم. واعتباره في كل ما يصدر عنه متحكم باسمه، ومنفذ لرأيه (?)، ليس لأحد معه في ذلك من يد، ولا مصدر ولا مورد، " قد فوضنا إليه ذلك كله، وأفردناه النظر في دقه وجله، وكثره وقله، وحكمناه في جميعكم، يثيب من استحق الثواب، ويعاقب من استحق العقاب " (?)، وكذا في الرسالة الثالثة عشرة، وهي الصادرة في شهر المحرم سنة 500 هـ، ولعلها أول رسالة وجهها علي بن يوسف عقب توليه الملك، وفيها يوصى بالطاعة والولاء للوالي أبى محمد ابن فاطمة " ما أمركم به أتيتموه، وما نهاكم عنه تركتموه " (?).
بيد أنه توجد طائفة أخرى من هذه الرسائل، تدل على أن الأمير كان يعني في نفس الوقت بالعمل على تجنب الاستبداد، واتباع الشورى، وعدم الاستئثار بالرأي. وهذا ما يوصي به ولده أبا بكر في الرسالة التي يوجهها إليه بتاريخ