النصارى عنها، كما غدت في نفس الوقت عاجزة عن أن تعمل على توطيد سلطان الدولة المرابطية وهيبتها، بين شعب أضحى يتبرم بحكمها، ويتمنى زوال نيرها، بعد أن ثقلت وطأته، وكثرت مثالبه. وقد كان هذا عاملا له خطره في تحطيم هيبة الدولة المرابطية وسيادتها بالأندلس.

- 1 -

كانت الدولة المرابطية أو الدولة اللمتونية في عهدها الأول، حينما انتهى يوسف بن تاشفين من إنشائها، وتوطيد قواعدها، وتخطيط عاصمتها مراكش، إمارة يتسمى منشؤها بالأمير. وعقب انتصار الزلاّقة، تسمى يوسف " بأمير المسلمين وناصر الدين " وهو اللقب الذي أصبح من بعده لقباً لملوك لمتونة، وهذا إلى اعتراف العاهل المرابطي بطاعة الخليفة العباسي. وهو إجراء لم يتعد الحدود الشكلية، من الدعوة للخليفة العباسي في الخطبة مع الأمير، وذكر اسمه في السّكة.

ثم غدت الدولة المرابطية، مملكة وراثية، منذ اختار يوسف ولده علياً لولاية عهده في سنة 496 هـ (1102 م)، وحذا حذوه في ذلك على، فاختار ولده تاشفين لولاية عهده في سنة 533 هـ (1138 م). واختار تاشفين ولده إبراهيم لولاية عهده في سنة 539 هـ (1145 م)، وهو في وهران يخوض مع الموحدين آخر المعارك الحاسمة، وقد شاء القدر أن يكون إبراهيم خاتمة ملوك الدولة المرابطية.

ولم يكن العاهل المرابطي، يتقيد في هذا الاختيار لولاية العهد، بشروط وتقاليد معينة، ولم يكن يؤثر به الابن البكر، وإنما كان يجري وفقاً لمشيئة الملك القائم، فيختار من ولده من يراه أهلا لخلافته. وكانت ولاية الأندلس، وقيادة الجيوش المرابطية بها، تمنحان للابن البكر، إذا نحى عن ولاية العهد، وذلك حسبما حدث في شأن الأمير أبى الطاهر تميم ولد يوسف الأكبر، حينما انتخب أخوه الأصغر على لولاية العهد، فقد لبث والياً للأندلس وقائداً عاماً للجيوش المرابطية بها حتى وفاته في سنة 520 هـ، وخلفه في منصبه الأمير تاشفين بن علي، في الوقت الذي كان فيه أخوه الأكبر سير بن علي يتشح بولاية العهد، فلما توفي سير في سنة 533 هـ، استدعى تاشفين من الأندلس، ومنح ولاية العهد،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015