معبراً بذراه عن ذري ملك ... مستمطر الكف والأكناف ممطور

تمشي النجوم على أكليل مفرقه ... في الجو حائمة مثل الدنانير (?)

بيد أنه قد ظهر في هذا اليوم، إلى جانب أكابر الشعراء، شاعر حَدَث، لم يبلغ العشرين من عمره، هو أبو جعفر أحمد بن عبد الملك بن سعيد العنسي، سليل بني سعيد أصحاب قلعة يحصب من أعمال غرناطة (?)، وكان قد حضر إلى جبل طارق مع أبيه وإخوته وقومه ضمن وفد غرناطة، ومثل بين يدي الخليفة ضمن الشعراء. ولما جاء دوره، أنشد قصيدة لفتت الأنظار بروعتها، وكانت فاتحة مجده الشعري، وقد نقل إلينا ابن الخطيب منها الأبيات الآتية:

تكلم فقد أصغى إلى قولك الدهر ... وما لسواك اليوم نهي ولا أمر

ورُمْ كل ما قد شئته فهو كائن ... وحاول فلا برٌّ يفوت ولا بحر

وحسبك هذا البحر فألاً فإنه ... يقبِّل تُرْباً داسه جيشُك الغَمْر

وما صوته إلاّ سلام مردَّد ... عليك وعن بِشْرٍ بقربك يفترُّ

بجيش لكي يلقي أمامك مَنْ غَدَا ... يُعاند أمراً لا يقوم له أمر

أطلّ على أرض الجزيرة سعدُها ... وجدّد فيها ذلك الخبَرَ الخُبرُ

فما طارقٌ إلا لذلك مُطرق ... ولابن نُصير لم يكن ذلك النصر

هما مَهّداها لكي تَحُل بأرضها ... كما حلّ عند التِّم بالهالة البدرُ

فوقعت هذه القصيدة من الخليفة أجمل موقع، وأثنى على ناظمها الفتى، وهنأ به والده عبد الملك. وحظى أبو جعفر هذا فيما بعد لدى السيد أبى سعيد والي غرناطة، فاستوزره حيناً إلى أن فسد ما بينهما، بسبب تنافسهما في حب الشاعرة الأندلسية الجميلة حفصة بنت الحاج الرّكوني، فقبض عليه، واتهم بالاشتراك في فتنة ابن مردنيش، وأعدم وذلك في سنة 559 هـ (?).

ولبث عبد المؤمن في جبل طارق زهاء شهرين، وسماه " جبل الفتح " حسبما تقدم، واستمرت إقامة الوفود والاحتفال بها، وغمرها بالضيافات وقضاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015